دراسات في الحديث والمحدثين - هاشم معروف الحسني - الصفحة ٢٣٠
متصرفون ولم تكونوا في شئ من حالاتكم مكرهين، ولا إليه مضطر ين.
فقال له الشيخ، كيف لم نكن في شئ من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له أتظن انه كان قضاء حتما وقدرا لازما، انه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله، وسقط معنى الوعد والوعيد، ولم تكن لائمة لمذنب ولا محمدة لمحسن، ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن، والمحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان وقدرية هذه الأمة ومجوسها.
ان الله كلف تخييرا، ونهى تحذيرا، وأعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها ولم يملك مفوضا، ولم يخلق السماوات وما بينهما باطلا، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار (1).

(1) ان النزاع في القضاء والقدر ونسبتهما إلى الافعال يرجع تاريخه إلى القرن الأول الذي انتشرت فيه الدعوة الاسلامية خارج البلاد العربية واتصل المسلمون العرب بغيرهم من الأمم ذات الديانات المختلفة، وقد تشعبت فيهما الآراء، فقال فريق بان تعلق الإرادة بالأشياء يوجب سلب الاختيار، ولازم ذلك أن يكون الانسان مجبورا في أفعاله، وقال فريق آخر وهم المفوضة بأن الانسان مختار في أفعاله، والإرادة الإلهية لم تتملق بشئ من أفعال الانسان وقد نفى الإمام (ع) في جوابه للسائل كلا الامرين فقال: لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب اي لو كان قضاء حتما وقدرا لازما بنحو لا يكون للعبد إرادة واختيار في أفعاله يكون العقاب من الله على القبيح ظلما لأنه هو الفاعل ولا يستحق الانسان على الخير شيئا لأنه مدفوع إلى فعله قهرا وبدون إرادة واختيار وقد دفع شبهة التفويض بقوله (ع): ولم يعص مغلوبا. اي ان الانسان لو كان خالقا لفعله من غير أن يكون لله رأي في ذلك. كانت مخالفته لما كلفه الله به من الافعال غلبة منه على الله سبحانه. كما وان قوله (ع) ولم يطع مكرها تعريض بالمجبرة الذين ذهبوا إلى أن الانسان مسير للقضاء الحتمي والقدر اللازم ولا يملك الاختيار في شئ من حالاته.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 دراسات في الكافي للكليني والصحيح للبخاري 5
2 مقدمة 7
3 الفصل الأول: لمحات عن الكتابة والحديث ومراحل تدوينه 13
4 الفصل الثاني: في أصناف الحديث 31
5 التواتر عند محدثي السنة 38
6 أخبار الآحاد وأصنافها 40
7 الحديث وأصنافه عند السنة 49
8 الحسن 51
9 الضعيف 52
10 العدالة 58
11 الفصل الثالث: في الصحابة 65
12 عدالة الصحابة 71
13 الفصل الرابع: البخاري وصحيحه بنظر المحدثين 109
14 الصحيح بنظر العلماء والمحدثين 116
15 الكليني 125
16 الكافي بنظر الشيعة 130
17 الكليني يختمر السند أحيانا 140
18 الكليني يروي عن الإماميين وغيرهم 143
19 موقف السنة من مرويات المخالفين لهم 145
20 الفصل الخامس: من رجال البخاري 161
21 من رجال الكافي 192
22 الواجب في صحيح البخاري 202
23 الواجب في الكافي 209
24 البداء في الكافي 220
25 البداء في صحيح البخاري 225
26 القدر في صحيح البخاري والكافي 227
27 من كتاب العلم في صحيح البخاري 233
28 من كتاب العلم في الكافي 238
29 من كتاب الإيمان في صحيح البخاري 245
30 الدجال 283
31 من الكافي 285
32 الإيمان والإسلام في الكافي 318
33 التقية في الكافي 326
34 من هنا وهناك 340
35 من مرويات الكافي حول القرآن 345