متصرفون ولم تكونوا في شئ من حالاتكم مكرهين، ولا إليه مضطر ين.
فقال له الشيخ، كيف لم نكن في شئ من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له أتظن انه كان قضاء حتما وقدرا لازما، انه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله، وسقط معنى الوعد والوعيد، ولم تكن لائمة لمذنب ولا محمدة لمحسن، ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن، والمحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان وقدرية هذه الأمة ومجوسها.
ان الله كلف تخييرا، ونهى تحذيرا، وأعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها ولم يملك مفوضا، ولم يخلق السماوات وما بينهما باطلا، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار (1).