قال ابن قتيبة: لقد استشهد أبو هريرة بالفضل بن العباس بعد موته، ونسب الحديث إليه ليوهم الناس بأنه قد سمعه منه (1).
وقال الحافظ الذهبي: التدليس من الصحابة كثير الا انه لا يضر، ولا عيب فيه، هذا مع العلم بان التدليس من العيوب التي لا تقل خطرا عن الكذب، ان لم يكن أفظع منه، وقد عده علماء الجرح والتعديل سببا كافيا لتضعيف الرواية وسقوطها عن درجة الاعتبار، ولكنه إذا صدر من صحابي فلا حكم له، لان الله سبحانه قد رفع عنهم ما وضعه على غيرهم، ولأنهم مجتهدون في كل ما يفعلون وعدالتهم أثبت من الجبال الرواسي لا تتصدع بجميع المنكرات والمعاصي. ولذا فان النقاد وعلماء الجرح والتعديل قد وضعوا عددا كبيرا من رجال البخاري في قفص الاتهام وألصقوا بكل واحد عيوبه، ولم يذكروا في عدادهم من الصحابة الا مروان بن الحكم لأنه قتل طلحة في أعقاب واقعة الجمل، وشهر السيف طلبا للخلافة على حد تعبير بعضهم، واعتذر عنه جماعة منهم ابن حجر في مقدمة فتح الباري، بأنه كان متأولا فيه (2).
ويقصدون بذلك انه خاف ان ينسحب من المعركة كما انسحب منها القائد الثاني الزبير، وتلك جريمة لا مبرر لها، لأنهم يقاتلون قوما أشركوا بالله واستحلوا حرماته بنظر مروان وعصابته، ونص بعضهم انه كان متأولا من حيث إنه كان مقتنعا بان طلحة ممن حرض على عثمان وأعان على قتله.
ومهما كان الحال فقد روى البخاري عن جماعة من الخوارج والنواصب والقدرية والمرجئة وغيرهم ممن وصفهم المحدثون والفقهاء