المباشر بتلك الأمم المتحضرة ببعض المنافع بالإضافة، إلى الفوائد المادية التي كانت تدرها هذه الرحلات، ومن أيسر ما يمكن ان تجره على المكيين هذه المهنة هي تعليم الكتابة والقراءة، هذا بالإضافة إلى أن يهود المدينة كانوا يحسنون الكتابة ويعلمونها الصبيان قبل هجرة الرسول (ص) إليها كما تؤكد ذلك بعض النصوص التاريخية.
ومن مجموع ذلك تبين ان الكتابة لم تكن بتلك الندرة بين المكيين كما يدعى البلاذري في (فتوح البلدان) حيث قال: " لقد ظهر الاسلام وبين القرشيين سبعة عشر رجلا يحسنون الكتابة لا غير وفي الأوس والخزرج سكان المدينة إحدى عشر رجلا تعلموها من جيرانهم اليهود ".
وإذا صح ان الذين كانوا يحسنون الكتابة لا يتجاوزون هذا العدد الضئيل فلابد وأن تكون في غيرهم معدومة أو أقل من ذلك، وبعد ملاحظة الظروف التي أحاطت بالمكيين وبخاصة القرشيين منهم الذين كانوا على اتصال دائم بالأمم المتحضرة نستبعد كل البعد ان يكون هذا الاحصاء الذي، ادعاه البلاذري وغيره صحيحا وفي نفس الوقت لا نبالغ في تقديره، ولا ندعي انتشارها بينهم كما كانت بين جيرانهم الفرس والرومان، لان العلم والكتابة ينتشران حيث توجد الحضارة ويكثر العمران، والحجازيون يفقدون جميع هذه النواحي.
ومما يؤكد ان الأمية كانت تغلب على العرب قبل ظهور الاسلام الآية من سورة الجمعة، هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
وجاء في غيرها من الآيات ما يؤكد أن النبي نفسه كان أميا لا يحسن الكتابة ولا القراءة كما تدل على ذلك النصوص القرآنية والنبوية.
دراسات - 2