مع العلم بأنه كان هو ودولته الفتية الناشئة في أمس الحاجة إلى المال عندما نلاحظ ذلك وتتأكد بأنه قد أعفاهم منها، وفرض علي كل أسير منهم ان يعلم عشرة من الأميين في مقابلها، ندرك مدى اهتمامه في محاربته الجهل والأمية حتى استطاع في خلال سنوات معدودات ان يهيئ عددا كبيرا يقرؤن ويكتبون، ويحسنون إدارة الأعمال وتصريف الأمور، ومضت حركة التعليم تتسع بين المسلمين في أنحاء الجزيرة، ويحث عليها بمختلف الأساليب والمناسبات، وقد بلغ به الحرص على توجيه الناس نحو التعليم، ان جعل طلب العلم من الفرائض، وقال كلمته المشهورة، (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) وقال أيضا: (اطلبوا العلم ولو بالصين) والوصول إلى الصين في عصره أعسر من الوصول إلى القمر في عصرنا هذا، وكان من نتيجة تلك الجهود التي بذلها لمحاربة الأمية ان أصبح المتعلمون من المسلمين وأبنائهم يعدون بالألوف، بعد أن كانوا لا يتجاوزون العشرات كما يظهر من احصاءات المؤلفين الذين كتبوا في هذه المواضيع.
ويؤيد ذلك ما جاء عن أبي الدرداء. أنه قال لبعض جلسائه اعداد من يقرأ عندي القران فعدهم فبلغوا ألفا وستماية.
وكان لكل عشرة منهم مقرئ، (اي معلم) وأبو الدرداء يشرف على الجميع (1).
ومن مجموع ذلك نستطيع ان نؤكد أن تأخير المسلمين عن تدوين الحديث والآثار الاسلامية لا يعود بالدرجة الأولي إلى ندرة وسائل التدوين وتفشي الأمية كما يدعي بعض المؤلفين من العرب والمستشرقين،