المباهلة - السيد عبد الله السبيتي - الصفحة ١١
في استطاعة المؤرخين ان يبحثوا عن أصول الحوادث أو يقولوا كل شئ، فان شيئا مخوفا كان يكم الأفواه، ويلجم الأقلام، ولو أن المؤرخين عنوا بانتهاج الحقائق حق العناية لكان التاريخ صورة صحيحة صادقة ليس فيها التواء ولا اسفاف ولكن للسلطة كلمة خاصة لابد ان توحي بها إلى الأقلام، فلا تستطيع هذه ان تحيد عنها أو تخرج من محبسها الضيق، والمؤرخين إنما يكتبون ما تلوح به لهم السياسة وما تفرضه عليهم فرضا ليكونوا بمنجاة من خبثها ولؤمها أو لعلهم كما يظن بعضهم " ان المؤرخين لم يوفقوا إلى إقامة التاريخ على سنن منطقية، وقواعد نقدية تحتفل ببيان الدوافع والعوامل التي تهئ ظروف التاريخ المختلفة وتحدد له الاتجاهات " (1) ونحن نرى انه كان للسياسة اثر كبير في توجيه التاريخ، وكان للعقيدة أيضا اثر في تسييره، أقول هذا وانا أرى وجوها من الأدلة تفيض في نفسي ولا معدى عنها عند تحليل الحوادث التاريخية.
ولا شك ان هذا الارهاق السياسي الذي وقعت الأقلام تحت وطأته، وتلك الحدود الضيقة التي حبست فيها الأقلام والأفكار كانت باعثا قويا إلى توجيه أفكار رجال صالحين من أهل العلم والأمانة عملوا تحت نكبات الصعاب فدونوا كثيرا من الحقائق بأمانة واخلاص كما هي بعيدين عن اغراض السياسة وأهدافها.
ولقد كلف هؤلاء الاعلام بالحق لذات الحق وهو الذي حملهم على

(1) هذا رأى الأستاذ عبد الله العلائي وقد استقاه من اللورد اكتن.
(١١)
مفاتيح البحث: الصدق (1)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»