السقيفة أم الفتن - الدكتور الخليلي - الصفحة ٥٨
" إن عائشة ألقت ليلتها الفتنة بين الأوس والخزرج، بقولها للأوس إن الخزرج يحيكون ويدبرون الأمر لانتخاب خليفة منهم، وقالت للخزرج إن الأوس يريدون انتخاب خليفة منهم، فألقت الغيرة والحسد والتنافس بينهم، وصباحا يبادرون رغم مرض زعيم الخزرج إلى سقيفة بني ساعدة لانتخاب أمير، وفي نفس الليلة تحرض بني هاشم لتجهيز وتغسيل وتكفين ودفن رسول الله، وهي تدري أن الصحابة الموالين لآل بيت الرسالة سوف لا يفارقونهم، وهكذا دبروا الأمر بليل فاغتنموا انشغال الهاشميين والصحابة الخصوصيين المعارضين لهم، أشغلوهم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأوقعوا النزاع بين الأوس والخزرج، وجاؤوا على تدبير مكيدة في وقت بلغ الحسد والحقد غايته بين الأنصار، وأماط أبو بكر اللثام عن أول فتنة في الإسلام، مشيدا بالمهاجرين، وأنهم الأمراء والأنصار وأنهم الوزراء ومد يده ليبايع أبا عبيدة أو عمر، فبادر الاثنان لبيعته، وأعقبهم قلة من الأوس حقدا على الخزرج وتلاهم بقية الأوس، وخشية أن يحصل الأوس على الخطوة بادر قسم من الخزرج لمثل ذلك، وكاد أن يقع الخصام بين الخزرج وعمر لولا مداخلة أبي بكر وسياسته، ثم مبادرتهم للخروج بعد الاطمئنان على عملهم يستجلبون الآخرين، كل من وجدوا في الطريق خمطوه ووضعوا يده بيد أبي بكر ليبايع معلنين أنه خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان فارس ذلك كله عمر، وبعدها إرسال الرسل لمن يعرفون، تارة بالاستعطاف وأخرى بالتطميع وأخرى بالتخويف والتهديد، كانوا وقد تناسوا آنذاك دين محمد ووصية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكتاب الله وما ورد يوم الغدير وغيره في علي (عليه السلام) لا يهمهم غير الملك، وقد دل ما أحدثوه من القتل والسلب والنهب والسبي باسم الردة والشرك على ذلك، وما كان يهمهم استعمال القوة والقسوة والظلم لكل من خالفهم أو حتى ظنوا أنه سيخالفهم، وهكذا نرى الفتك بمالك ابن نويرة وقتله وأفراد عشيرته ونهبهم وسلبهم وسبيهم والتجاوز على إعراضهم، هذا وقد ثبت لعمر (رضي الله عنه) أنهم مسلمون، وأن خالدا وأتباعه قتلوا مسلمين وتجاوزوا على أعراضهم، وأراد إقامة
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست