أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٢١٢
(.. إن المرأة كانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول: انصرف، الناس يكفونك، ويجئ الرجل إلى ابنه أو أخيه، فيقول: غدا يأتيك أهل الشام، فأم تصنع بالحرب والشر..؟) (1).
إن هذا النص، وهو يصور هذا الموقف الانهزامي من تحرك مسلم ابن عقيل، يوحي إلى الباحث المتأمل أن نسبة عالية من المقاتلين الذين نهضوا مع مسلم بن عقيل كانوا من الشبان، ففيهم الأبناء والاخوة، وليس فيهم الآباء والأزواج.
إننا نعترف بأن هذه الدلالة ليست قاطعة، ولكنها تجعلنا نميل إلى ترجيح ما تقضي به طبيعة الأشياء، وهو أن إرادة التغيير غالبا ما توجد في نفوس الشبان دون الشيوخ الذين يميل غالبهم إلى المحافظة، وإيثار حالة الاستقرار. إلا أننا في حالتنا هذه (الثورة الحسينية) نواجه عاملا استثنائيا يرجح أن تكون الاستجابات للثورة - في الكوفة بوجه خاص - قد حدثت بنسبة عالية بين الشيوخ وكبار السن، فهؤلاء قد خبروا بأنفسهم أسلوب الإمام علي عليه السلام في الحكم وسياسة الناس وتوزيع الأموال، وخبروا من بعده بأنفسهم أيضا أسلوب معاوية في الحكم وسياسة الناس، وسياسته في الأموال، ورأوا ما بينهما من فروق كبيرة، وهم، مع هذه الخبرة المباشرة بهذين الأسلوبين في الحكم، يعرفون تجاوز معاوية لكثير من أحكام الاسلام ووصاياه، فهم بحكم هذه الخبرة وهذه المعرفة مؤهلون لان يفهموا ثورة الحسين، ويتجاوبوا معها أكثر من جيل الشبان الذين لم يعرفوا إلا عهد معاوية، ولم يعانوا إلا وجها واحدا من التجربة هو

(1) الطبري 5 / 371.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة