فالشاعر في رثائه للحسين يذكر قيسا (قيس عيلان بن مضر) ويذكر غنيا (من غطفان، من قيس عيلان) ويحملهما مسؤولية مقتل الحسين، ويهدد بالانتقام.
لقد كان ثوار كربلاء جمهورا صغيرا، بجناحيه من عرب الجنوب وعرب الشمال، ولكنه كان يمثل النخبة، فيجب أن نلاحظ أن كثيرا من الثائرين لا يمثلون - عدديا - أشخاصهم، أو أسرهم، وإنما يمثلون، فيما وراء ذلك، جماعات كبرى من القبائل.
ولان الثوار يمثلون النخبة فقد كانوا قادرين على السيطرة على الموقف لو قدر للثورة أن تنتصر وتمكنوا من الاستيلاء على الحكم، وكانوا قادرين - إذا لم يتح لهم النصر - كما حدث في الواقع - أن يفجروا طوفانا من الغضب ضد الحكم المنحرف في قلوب جماهير غفيرة الناس، وأن يضعوهم على طريق الوعي الحقيقي، وأن يجعلوا منهم جمهورا يغذي الثورات باستمرار، وهذا ما حدث في الواقع.
نقدر أن رجال النظام الأموي قد اكتشفوا هذه الحقيقة، وقرروا أن يواجهوها.
وهذا هو ما يفسر لنا الأسلوب الذي اتبعوه في معالجة الثورة وسحقها بشكل وحشي لا تدعو إليه ضرورة عسكرية، ولا تقضي به ضرورة الامن.
فقد اتبعت طريقة شاذة وغير مألوفة في قتل عدد من شخصيات الثائرين في الكوفة.