أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٢٠٩
سلمة الخلال كبير الدعاة العباسيين (1)، أن يسلمه السلطة بعد أن نضجت الدعوة ضد الأمويين، وأعلن أبو مسلم الخراساني ثورته في خراسان (2)
(1) أبو سلمة الخلال (حفص بن سليمان) استخلفه بكير بن ماهان في رئاسة الدعاة في الكوفة وكتب إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بذلك، فكتب محمد إلى أبي سلمة فولاه أمر الدعوة بعد موت بكير بن ماهان.
وكان أبو سلمة مولى لبني الحارث بن كعب، وقد نشأ بالكوفة واتجر بالخل فلهذا لقب الخلال، وكان يتمتع بقدرة على الاقناع، وموهبة إدارية مكنتاه من النجاح في عمله السري ضد الأمويين.
ولما قتلإبراهيم بن محمد (الامام) في سجنه في حران، خاف أخواه (أبو جعفر (المنصور) وأبو العباس (السفاح)) على أنفسهما فخرجا من الحميمة هاربين إلى العراق، ومعهما بعض رجالات العباسيين فقدموا الكوفة، ونزلوا على أبي سلمة الخلال، فأخفاهما في دار أحد رجال الشيعة في الكوفة.
وحين تمت البيعة لأبي العباس السفاح (ولى أبا سلمة الداعي جميع ما وراء بابه، وجعله وزيره، وأسند إليه جميع أموره، فكان يسمى وزير آل محمد، فكان ينفذ الأمور من غير مؤامرة) ولكن يبدو أن السفاح اكتشف تغير ميول أبي سلمة السياسية وميله إلى العلويين، وقد حرضه على قتله أبو مسلم وأبو جعفر المنصور، وموقف السفاح من قتله غامض، إلا أنه لا شك في أن لبطانة السفاح يدا كبرى في تدبير قتله على يد أبي مسلم الذي أرسل مروان الضبي، وكان أحد قواده، وقال له: (انطلق إلى الكوفة، فأخرج أبا سلمة من عند الامام أبي العباس، فاضرب عنقه وانصرف من ساعتك) ففعل الضبي ذلك، وقد فعل أبو مسلم ما فعله بناء على رغبة السفاح وخاصته - الاخبار الطوال: 334 و 358 - 359 و 370 - وغيره. والمسعودي: مروج الذهب:
3 / 268 و 284.
(2) لا نعرف الدوافع التي حملت أبا سلمة الخلال على أن يحول ولاءه عن العباسيين إلى العلويين قبيل إعلان الدولة العباسية. فحين لجأ أبو جعفر وأبو العباس إلى الكوفة أنزلهما أبو سلمة في دار الوليد بن سعد ووكل بهما مساورا القصاب ويقطينا الابزاري وكانا من كبار الشيعة (شيعة العباسيين؟؟) وعزلهما عن الناس، وكتب إلى الإمام جعفر الصادق، وعمر الأشرف بن الإمام زين العابدين، وعبد الله المحض، وأمر رسوله (محمد بن عبد الرحمان بن أسلم) أن يلقى الإمام الصادق، فإن أجابه أبطل الكتابين الآخرين. وإلا لقي عبد الله المحض، فإن أجابه وإلا لقى عمرا الأشرف.
فقابل الرسول الامام جعفرا، وسلمه الكتاب فقال الامام (مالي ولأبي سلمة، وهو شيعة لغيري) فقال الرسول اقرأ الكتاب، فقال الامام لخادمه: ادن السراج مني فأدناه، فوضع الكتاب على النار حتى احترق، فقال الرسول: ألا تجيبه؟ فقال الامام قد رأيت الجواب، عرف صاحبك بما رأيت، وقابل رسوله عبد المحض بن الإمام الحسن بن علي ففرح بكتاب أبي سلمة وجرى بينه وبين الإمام الصادق حوار عاصف حين نهاه الامام عن الركون إلى دعوة أبي سلمة.
ابن قتيبة، الإمامة والسياسة: 2 / 152 - 153 و 155 - 156، والمسعودي: مروج الذهب 3 / 268 - 269 و 284 - 285.
بل إن ثمة اتهاما يوجه إلى أبي مسلم الخراساني نفسه بأنه حاول استدراج الإمام الصادق (ع) إلى الموافقة على تحويل الدعوة إليه، فقد كتب إلى الامام بقوله: (اني قد أظهرت الكلمة، ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت، فإن رغبت فلا مزيد عليك) فكتب إليه الامام (ما أنت من رجالي، ولا الزمان زماني) الملل والنحل: