ولو كانت ظاهرة وجود الموالي في الثورة الحسينية تتوقف عند مشاركة العدد المحدود منهم في معركة كربلا والفوز بالشهادة لما كانت لذلك أية دلالة ذات قيمة تاريخية، ولكن ظاهرة وجود الموالي في الثورة الحسينية وعلاقتهم بها تتعدى هذا القدر المحدد إلى مجالات أوسع منه بكثير فثمة بعض الإشارات قبل عاشوراء وبعدها، تدل على وجود صلة ما، لعلها كبيرة جدا، بين الموالي وبين الثورة الحسينية. وربما كان لها دلالات عظيمة القيمة على بدايات دور الموالي الخطير والكبير في توجيه حركة التاريخ في العالم الاسلامي.
من هذه الإشارات أن عبيد الله بن زياد، حين أراد أن يتجسس على مسلم بن عقيل لم يستخدم في هذه المهمة عربيا، وإنما (دعا مولى له يقال له معقل فأعطاه ثلاثة آلاف، وقال له: إذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايع له أهل الكوفة، فأعلمه أنك رجل من أهل حمص..) (1).
ومن هذه الإشارات أن السيدة الأرملة التي لجأ مسلم بن عقيل إلى منزلها بعد أن فشلت حركته وتفرق عنه الناس، وهي السيدة طوعة. كانت مولاة لمحمد بن الأشعث (2). وقد أدخلت مسلم بن عقيل إلى منزلها بمجرد أن عرفت اسمه، دون أن تبدي أي حذر مما قد تجر عليها استضافته عندها من متاعب، وقد أخفته وهي تعلم بأنه مطلوب من السلطة.