أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٩٢
هل يدل اختيار عبيد الله بن زياد لمهمة التجسس على مسلم بن عقيل رجلا من الموالي، بدل أن يختار لهذه المهمة رجلا عربيا على أن النظام الأموي كان يقدر أن الموالي كانوا يضمرون التعاطف مع حركة الثورة ورجالها، وأن ثمة صلات خفية بين الثورة وجماعات من الموالي تحمل الثائرين على الوثوق بمن لا يعرفونه من الموالي معرفة مؤكدة، أكثر مما لو كان هذا الذي لا يعرفونه عربيا من الشام لا سبيل إلى التوثق من شخصيته؟ (إذ لا سبيل لدرس رجل عراقي يسهل اكتشافه بالتقصي عنه في قبيلته) وهل تدل استجابة مسلم بن عوسجة للجاسوس دون حذر (1) على صدق تقدير النظام الأموي لحقيقة العلاقة بين الموالي وبين الثورة؟
وهل تدل استجابة السيدة طوعة لطلب مسلم بن عقيل وإخفائه في منزلها، بعد أن أعلمها بأن أهل الكوفة قد خذلوه، على أنها قد تصرفت استجابة لموقف نفسي إيجابي من الثورة حال بينها وبين أن تفكر في عواقب تصرفها؟
لا نملك أجوبة حاسمة على هذه التساؤلات، وإن كنا نرجح أن الاعتبارات السياسية والاجتماعية في ذلك الحين تدعونا إلى تقديم أجوبة موافقة وإيجابية.
فنحن نعلم أن الموالي كانوا على علاقة وثيقة بالامام علي بن أبي طالب، ناشئة من سياسة الامام العادلة التي ساوتهم بغيرهم من المسلمين وقد نقم بعض زعماء القبائل على هذه العلاقة، فقال الأشعث بن قيس

(1) تقدم ذكره في تعداد الشهداء، كان يأخذ البيعة للإمام الحسين، وكان أمينا على الأموال في حركة مسلم بن عقيل في الكوفة.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة