وإذن فنحن أمام نوعية من الشخصيات تمثل النخبة الواعية للاسلام في المجتمع الاسلامي في ذلك الحين، وهي تستمد تفردها وتفوقها من فضائلها الشخصية ومن وعيها الاسلامي والتزامها بمواقفها المبدئية، على خلاف الزعماء القبليين التقليديين الذين يستمدون قوتهم من الاعتبارات القبلية المحضة. وإن كانت هذه النخبة الواعية تضم رجالا كثيرين جمعوا إلى فضائلهم ووعيهم الاسلامي ولاء قبائلهم لاشخاصهم.
ومن هذا الذي قدمناه في بيان مقومات هذه النخبة يتضح أنها تمثل النقيض الاجتماعي للنخبة القبلية التقليدية التي كانت تدير سياسة القبائل، وتتعامل مع النظام الأموي، وتحصل على اعترافه الرسمي بزعامتها. وإذا كان لهذه النخبة التقليدية جمهورها الكبير، فإن النخبة الواعية لم تكن بلا جمهور، وإن كنا نرجح أنه صغير الحجم بالنسبة إلى الجمهور التقليدي.