أخذ منها، فإن هذا الاسم (سليمان) لم يكن شائعا بين المسلمين العرب بين رجال النصف الأول من القرن الأول الهجري. ويمكن التأكد من ذلك بملاحظة فهارس أعلام تاريخ الطبري مثلا واستقراء هذا الاسم في الرجال الذين ذكرهم رواة الطبري في أحداث الفترة التي نبحث عنها، وسنجد حينئذ أن هذا الاسم محدود الانتشار جدا، وكذلك الحال بالنسبة إلى كتاب صفين لنصر بن مزاحم الذي اشتمل فهرست كتابه على تسعة رجال بهذا الاسم ليس فيهم أربعة رجال معاصرين للحقبة التاريخية التي وقعت فيها ثورة كربلاء.
وسبب ذلك أن الأسماء تتصل بالتكوين الثقافي والوضع الحضاري للأمة وهي من السمات الثقافية التي لا تتغير بسرعة، بل تتغير ببطء شديد، والتغير يتم نتيجة لتغير المفاهيم الثقافية عند الأمة، هذه المفاهيم التي تحمل الأمة على أن تستجيب في عاداتها وتقاليدها وأسمائها ومئات من مظاهر حياتها البسيطة والمعقدة.
وقد واجه العرب هذا التغيير الثقافي الشامل حين دخلوا في الاسلام، وكان من جملة عناصر العالم الثقافي الجديد الذي دخلوا في أسماء جديدة وردت في القرآن الكريم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله تتناسب مع الفكرة العامة للمعتقد الاسلامي أو تتصل بالتاريخ القديم للاسلام في الصيغ السابقة على الصيغة الخاتمة التي أرسل بها خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله. وقد كان هذا اللون الثاني من الأسماء الاسلامية موجودا في الصيغ الشائعة للتوراة والإنجيل، ولكن لم يكن للعرب، كما نعلم، صلة بهذين الكتابين على نحو تكون لهم مفاهيم ثقافية تختلف عن مفاهيمهم الثقافية في العهد الجاهلي، ولذا فإنهم دخلوا في عالم الاسلام الثقافي