أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٩٤
وكان الموالي يتحركون نحو الثورة بدافع من الرغبة في تغيير واقعهم السئ بواقع عاشوه في أيام الإمام علي، مع وجود قلة فيهم، يمثلها الشهداء منهم، تحركت نحو الثورة بدافع من وعي صادق ومصيب لحقيقة الاسلام، وإدراك لما يمثله النظام الأموي من انحرافات.
على أن ما حدث بعد ثورة الحسين بسنوات قليلة يكشف عن عمق صلة الموالي واتساعها، فعندما نهض المختار بن أبي عبيد الثقفي (1) في الكوفة رافعا شعارات حماية المستضعفين، والاخذ بثارات الحسين وأهل البيت الآخرين، التف حوله العرب والموالي معا، وقد تخلت عنه بعد ذلك الأكثرية العظمى من العرب لأنها رفضت سياسته المالية والاجتماعية بالنسبة إلى الموالي، فإن هؤلاء الموالي قد ثبتوا معه إلى النهاية الأليمة في وجه الحكم الزبيري الذي لم يكن أقل فظاظة وتمييزا بين الناس من الحكم الأموي (2).
نستطيع أن نقول: إن الموالي في سنة ستين للهجرة كانوا في

(1) قاد أبوه معركة الجسر، عند البويب في النخيلة، التي خسرها المسلمون أمام تفوق الفرس، وقتل في المعركة. كانت زوجة المختار عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري، قتلها مصعب بن الزبير بعد القضاء على ثورة المختار. وكان للمختار بيت في الكوفة نزل فيه مسلم بن عقيل، وكان له بالقرب من الكوفة ضيعة.
أعلن المختار ثورته في الكوفة صباح الأربعاء 13 ربيع الأول سنة 66 ه‍ (18 تشرين الأول - أكتوبر سنة 675 م) وقضي على الثورة بقتل المختار في الكوفة مع فريق انتحاري من أصحابه في يوم 14 رمضان سنة 67 ه‍ (3 نيسان - ابريل سنة 687 م) وكان عمر المختار حين قتل سبعا وستين سنة.
(2) أرسل المختار - إلى المدينة - بالاتفاق مع عبد الله بن الزبير - جيشا قوامه ثلاثة آلاف كلهم من الموالي تحت إمرة شرحبيل بن ورس الهمداني ليشتركوا في مقاومة أهل الشام، مع جيش ابن الزبير المؤلف من ألفي جندي بقيادة عياش (عباس) بن سهل بن سعد الأنصاري. ولكن عياشا هذا دبر للجيش الحليف - بالاتفاق مع عبد الله بن الزبير - مذبحة قضت عليه.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة