الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٧٤
لا بد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء داعية الزنا.
وفيما كتب عمر بن عبد العزيز إلى سهل مولاه: بلغني عن الثقات من حملة العلم إن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما، ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء العشب.
وقيل: الغناء جاسوس القلب، وسارق المروءة والعقل، يتغلغل في سويداء القلوب، ويطلع على سرائر الأفئدة، ويدب إلى بيت التخييل، فينشر ما غرز فيها من الهوى والشهوة والسخافة والرعونة، فبينما ترى الرجل وعليه سمت الوقار، وبهاء العقل، وبهجة الإيمان، ووقار العلم، وكلامه حكمة، وسكوته عبرة، فإذا سمع الغناء نقص عقله وحياؤه، وذهب مروءته وبهاؤه، فيستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه، ويبدي من أسراره ما كان يكتمه، وينتقل من بهاء السكوت والسكون إلى كثرة الكلام والهذيان والاهتزار كأنه جان وربما صفق بيديه، ودق الأرض برجليه، وهكذا تفعل الخمر إلى غير ذلك.
راجع سنن البيهقي 1: 223، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي ص 250، تفسير الزمخشري 2: 411، تفسير القرطبي 14: 52، إرشاد الساري 9. 164، الدر المنثور 5: 159، 160، كنز العمال 7: 333، تفسير الخازن 3: 46، تفسير الشوكاني 4:
228، نيل الأوطار 8: 264، تفسير الآلوسي 21: 67، 68.
(نظرة في الأحاديث المعنونة) هذا شأن الغناء والملاهي، وتلك ما يؤثر عن نبي الاسلام صلى الله عليه وآله أفمن المعقول إذن أن تعزى إليه تلك المسامحة المزرية بعصمته، المسقطة لمحله، المسفة به إلى هوة الجهل؟ ثم يحسب أن الذي تذمر عنهما وتجهم أمام الباطل ودحضه هو عمر فحسب دون رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وما هذا الشيطان الذي كان يفرق من عمر وما كان يخاف رسل الله صلى الله عليه وآله؟
أي نبي هذا؟ وهو يسمع الملاهي، وترقص بين يديه الرقاصة الأجنبية، وتضرب بالدف وتغني، أو يوقف هو حليلة على تلك المواقف المخزية، ثم يقول:
لست من دد ولا الدد مني. أو يقول: لست من دد ولا دد مني أو يقول: لست من الباطل ولا الباطل مني (1).

(١) أخرجه البخاري في الأدب، والبيهقي والخطيب، وابن عساكر. راجع كنز العمال ٧: ٣٣٣، الفيض القدير 5 265
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»