الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٧٥
أي عظيم هذا؟ يرى في بيته غناء الجواري وضربهن بالدف ولا ينبس ببنت شفة غير أن عمر يغضبه ذلك ويقول: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله؟ أليس هذا النبي هو الذي كان سمع مزمارا يضع إصبعيه على أذنيه ونأى على الطريق؟ قال نافع:
سمع عبد الله بن عمر مزمارا فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ فقلت: لا. فرفع إصبعيه من أذنيه وقال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا (1) أليس ابن عباس قال أخذا بالسنة الشريفة:
الدف حرام، والمعازف حرام، والكوبة حرام، والمزمار حرام؟.
ألا تعجب من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ والحبشة تلعب في مسجده الشريف أشرف بقاع الدنيا وتزفن وتغني وهو صلى الله عليه وآله وحليلته ينظر إليها، وعمر ينهاهن، ويقول النبي صلى الله عليه وآله: دعهن يا عمر!.
أصحيح ما جاء عن النبي الأقدس صلى الله عليه وآله من قوله بعدة طرق: جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراء كم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم؟
وقوله صلى الله عليه وآله: من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا؟. أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة والترمذي وما أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة عن بريدة: إن رجلا نشد في المسجد الجمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت؟.
وقوله صلى الله عليه وآله: سيكون في آخر الزمان قوم يكون حديثهم في مساجدهم ليس لله فيهم حاجة؟. أخرجه ابن حبان في صحيحه.
وقوله صلى الله عليه وآله: لا تتخذوا المساجد طرقا إلا لذكر أو صلاة؟ (1).
وما ظنك بنبي العصمة يحول المولى سبحانه بينه وبين ما يهمه من سماع المعازف والمزامير قبل بعثته تشريفا له وتعظيما لمكانته من القداسة، ويخليه واسع السرب رخي البال بعد مبعثه الشريف يسمع غناء الأجنبيات وهي تزفن؟ أخرج الحفاظ بالإسناد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما هممت بشئ مما كان في

(١) سنن أبي داود ٢: ٣٠٤، سنن البيهقي 10: 222، تاريخ ابن عساكر 7: 206، 284.
(2) جمع هذه الأحاديث وأمثالها الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 1: 89 - 92.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»