له، بعد أن اتضح للنبي أن التصريحات بخلافته لا تكفي وحدها للعمل بها عندهم، كما امتنعوا عن السير تحت لواء أسامة وهو لا يزال في قيد الحياة، فقدر أن القوم إذا ذهبوا في بعثهم هذا يرجعون وقد تم كل شئ لخليفته المنصوب من قبله، فليس يسعهم إلا أن ينضووا حينئذ تحت جماعة المسلمين ورايتهم.
و (ثالثا) - أن يقلل من نزوع المتوثبين للخلافة، ليقيم الحجة لهم وللناس بأن من يكون مأمورا طائعا لشاب يافع ولا يصلح لإمارة غزوة مؤقتة كيف يصلح لذلك الأمر العظيم وهو ولاية أمور جميع المسلمين العامة، وهي في مقام النبوة وصاحبها أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
وزبدة المخض أن بعث أسامة لا يصح أن يفسر إلا بأنه تدبير لإتمام أمر علي بن أبي طالب بمقتضى الظروف المحيطة به من تقدم النص على علي وقرب أجل النبي " ص "؟ وعلمه بأن هناك من لا يروق له ولاية ابن عمه، وبمقتضى الدلائل الموجودة في الواقعة نفسها: من تأمير فتى يافع وتكديس وجوه القوم وقوادهم في البعث وعدم دخول علي ومن يميل إليه وامتناع جماعة من الالتحاق بالجيش وحث النبي على تنفيذه وغضبه من اعتراضهم وتخلفهم، وهو في مرض الفراق والظرف دقيق على المسلمين.
فهذا البعث في الوقت الذي كان تدبيرا لإخلاء المدينة