الناس لا سيما عند المرض، أعني كلمة الهجر والهذيان، مهما لطفت العبارة بتحويلها إلى كلمة " قد غلبه الوجع ". ثم أي معنى حينئذ لقوله: " حسبنا كتاب الله "، وهو رد على النبي وتدخل في مصلحة الحكم وأساسه، وكان يغنيه أن يقول لا يجب علينا امتثال الأمر.
* * * والخلاصة إن الكتاب الذي أراد أن يكتبه النبي (ص) من نفس وصفه له: " لا تضلوا بعده أبدا " ومن نفس رد عمر " حسبنا كتاب الله " ومن قرائن الأحوال المحيطة بالقصة بعد سبق توقف البعث عن الذهاب نعرف أن المقصود منه النص على خليفته من بعده وهو علي بن أبي طالب، لا سيما أن كل خلاف بين المسلمين وكل ضلال وقع ويقع في الأمة هو ناشئ من الخلاف في أمر الخلافة فهو أس كل ضلالة.
ولو تركوا النبي يكتب التصريح بالخلافة من بعده لما كان مجال للشك والخلاف إلا بالخروج رأسا عن الإسلام.
وليس بالبعيد أنه (ص) امتنع عن التصريح شفاها أو كتبا بعد هذه القصة بالنص على خليفته لئلا يأخذ اللجاج بالبعض إلى الخروج على الإسلام، فتكون المصيبة أعظم على الإسلام والمسلمين وهذا ما حدا بعلي عليه السلام إلى المجاراة والمماشاة، فلذا قال في خطبته الشقشقية: " فطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء...