إياهم. ويكفي أن نعرف أن البعث وقع قبيل شكاته أو في أولها وقد استدامت علته أربعة عشر يوما (على أوسط التقادير). وفي كل هذه المدة الطويلة يثاقل القوم عن الخروج. وقد عسكر قائدهم الفتى بالجرف، وهو عن المدينة بفرسخ واحد (بعد أن عقد النبي له الراية بيده الشريفة) ينتظر جيشه المتمرد أن يجتمع إليه، فتخلق الإشاعات عن حال النبي فيرجع أسامة إلى المدينة برايته فيركزها على باب النبي، ولكن الرسول في كل مرة يأمره بالعودة ويحث القوم على الالتحاق به. ولكنه في اليوم الأخير يرجع مرتين في المرة الأولى يأمره النبي بالسير قائلا: (اغد على بركة الله تعالى) فيودعه ويخرج، وفي المرة الثانية يرجع ومعه عمر وأبو عبيدة فيجد النبي يجود بنفسه، ثم يلتحق بالرفيق الأعلى.
فماذا دهى المسلمين حتى خالفوا الصريح من أمر النبي هذه المدة الطويلة من غير حياء منه ولا خجل ولا خوف من الله ورسوله وتوطنوا على غضبه ولعنهم جهارا، أتراهم استضعفوا النبي وهو مريض شاك فتمردوا عليه، أم ماذا؟
" رابعا " - أن ينكر هؤلاء المسلمون على نبيهم تأميره لهذا الفتى، ثم لا يرتدعون إن نهاهم عن ذلك. وليس لهم على كل حال حق هذا الانكار إذا كانوا حقا قد تغذوا بتعاليم