اليعقوبي: إن أصحابه الذين كانوا يجتمعون إليه طالبوه بمناهضة القوم وتعهدوا بالنصرة، وكأنهم ظنوا أن قد بلغوا العدد المطلوب " 40 ذوي عزم " فقال لهم: اغدوا على هذا محلقي الرؤس، وهو إنما يريد أن يريهم أنهم لم يبلغوا المنزلة التي تقام بها الحجة، فلم يعد عليه إلا ثلاثة نفر.
وإذا كان هذا رأيه في المناهضة للقوم يبلغ - يا سبحان الله - هذه الشدة والصرامة فماذا تراه صانعا؟ لنتركه الآن يحدثنا هو عن نفسه وموقفه الدقيق، إذ يقول من الشقشقية:
" وطفت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ". ثم يبين لنا كيف أن يده جذاء من خطبة ثانية. " نظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي فظننت بهم على ا ت؟؟ ".
فهو إذن بين أمرين لا ثالث لهما: إما المغامرة بما عنده من أهل بيته، وإما الرضوخ للأمر الواقع، أما الحالة الأولى ففيها خطر على الإسلام لا يتدارك فإنه إذا قتل هو وآل بيته ارتفع الثقل الثاني من الأرض " عترة الرسول " وافترق عن عديله القرآن الكريم وهناك الضلالة التي لا هداية معها، وقد قال النبي: " لا تضلوا ما أن تمسكتم بهما أبدا " أو " لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " وأما الحالة الثانية فإن في الصبر على هضم حقوقه إضاعة لوصية النبي، وتعطيل لنصبه إياه إماما وخليفة من بعده.