ويستشعر ذلك من سيرته معهم ومن كثير من أقواله التي منها قوله في الشقشقية عن حربه لأهل الجمل ومعاوية: " أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ".
فانظر إلى موقع كلمته: " لسقيت آخرها بكأس أولها "، فإنه يريد أن يقول: إن زهدي بالدنيا يدعو إلى أن أترك حقي في المرة الأخيرة كما تركته في المرة الأولى، ولكن الفرق كبير بين الحالين: ففي الأولى لم تقم علي الحجة في القتال لفقدان الناصر دون هذه المرة، فلا يسعني أن أعرض عنها هذه المرة وأسقيها بالكأس الذي سقيت به أولها يوم طويت عنها كشحا وصبرت على القذى.
وأصرح من ذلك ما كان يقوله: " لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم " وهذا ما عده معاوية من ذنوبه، وذلك فيما كتب إليه من قوله: " فمهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حركك وهيجك لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم، فما يوم المسلمين منك بواحد "، ولم ينكر أمير المؤمنين عليه السلام هذا القول في جوابه على هذا الكتاب.
وفي التاريخ مقتطفات تؤيد ذلك، كما في تأريخ