صراحة بالنص عليه بالخلافة، وهنا نقول: إنه مع ذلك لم يكتم رأيه في بيعة السقيفة، فإن التأريخ لا يشك، عند من ينظر إليه نظرة فحص وتمحيص، أنه كان ناقما على ما أسرعوا إليه من بيعة أبي بكر، وكان يعدها غضبا لحقه، فلم يلاق الحادث إلا بالاستغراب والاستنكار كما يبدو من كلمته السابقة التي قرأتها أخيرا، ومن كلمات كثيرة منبثة في نهج البلاغة وغيره وأهمها الخطبة الشقشقية. وأقل ما يقال في إنكاره تخلفه عن البيعة حتى ماتت فاطمة الزهراء عليها السلام.
على أن من الظلم نقول: إن الإمام تخلف عن البيعة، وهو صاحب الأمر الذي يجب أن يؤتى إليه، وإنما الحق أن نقول: إن الناس هم الذين تخلفوا عنه.
وأول إعلان له عن رأيه كان عند خروجه في اليوم الثاني من السقيفة بعد البيعة العامة - كما في مروج الذهب - فقال لأبي بكر: " أفسدت علينا أمرنا ولم تستشر ولم ترع لنا حقا ".
وهذا القول صرخة في وجه الاستئثار عليه، وتصريح بعدم الرضى بما تم، وليس علي ممن يداجي أو يخاتل ولا ممن تأخذه في الله لومة لائم. ولذلك هم كانوا يفرون من التحرش به قبل تمام البيعة خوف إعلان خصومتهم، فنرى أبا بكر في جواب كلامه السابق يعترف له ويقول: " بلى! ولكن خشيت الفتنة ".
ويسكت التأريخ عن ذكر جواب الإمام، أفتراه اقتنع