سوى الاحتياط على الإسلام.
وأما تخلف أبي بكر وعمر وغيرهما عن الجيش حين سار به أسامة، فإنما كان لتوطيد الملك الاسلامي، وتأييد الدولة المحمدية، وحفظ الخلافة التي لا يحفظ الدين وأهله يومئذ إلا بها.
وأما ما نقلتموه عن الشهرستاني في كتاب الملل والنحل، فقد وجدناه مرسلا غير مسند، والحلبي والسيد الدحلاني في سيرتيهما قالا: لم يرد فيه حديث أصلا، فإن كنت سلمك الله تروي من طريق أهل السنة حديثا في ذلك فدلني عليه أشكرك " (58).
قلنا في جواب الشيخ: " سلمتم - سلمكم الله تعالى - بتأخرهم في سرية أسامة عن السير، وتثاقلهم في الجرف تلك المدة، مع ما قد أمروا به من الاسراع والتعجيل.
وسلمتم بطعنهم في تأمير أسامة مع ما وعوه ورأوه من النصوص قولا وفعلا على تأميره.
وسلمتم بطلبهم من أبي بكر عزله، بعد غضب النبي صلى الله عليه وآله من طعنهم في إمارته، وخروجه بسبب ذلك محموما معصبا مدثرا، منددا بهم في خطبته تلك على المنبر التي قلتم إنها كانت من الوقائع التاريخية، وقد أعلن فيها كون أسامة وأبيه أهلا للإمارة.
وسلمتم بطلبهم من الخليفة إلغاء البعث الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وحل اللواء الذي عقده بيده الشريفة، مع ما رأوه من اهتمامه في إنفاذه، وعنايته التامة في تعجيل إرساله، ونصوصه المتوالية في وجوب ذلك.