النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١٥٣
يومئذ: " هجر رسول الله " إنما هو عمر (204). ثم نسج على منواله من الحاضرين من كانوا على رأيه. وقد سمعت قول ابن عباس - في الحديث الأول (1) -: فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر (205) - أي يقول:
هجر رسول الله - وفي رواية أخرجها الطبراني في الأوسط عن عمر (2) قال:
لما مرض النبي قال: ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فقال النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله؟
قال عمر: فقلت: إنكن صواحبات يوسف إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح ركبتن عنقه؟ قال: فقال رسول الله: " دعوهن فإنهن خير منكم ". ا ه‍ (206).
وأنت ترى أنهم لم يتعبدوا هنا بنصه الذي لو تعبدوا به لآمنوا من الضلال وليتهم اكتفوا بعدم الامتثال ولم يردوا قوله إذ قالوا: " حسبنا كتاب الله " حتى كأنه لا يعلم بمكان كتاب الله منهم، أو أنهم أعلم منه بخواص الكتاب وفوائده.
وليتهم اكتفوا بهذا كله ولم يفاجئوه بكلمتهم تلك " هجر رسول الله " وهو محتضر بينهم وأي كلمة كانت وداعا منهم له صلى الله عليه وآله وكأنهم - حيث لم

(204) قول عمر إن النبي صلى الله عليه وآله ليهجر صرح به كل من: السبط بن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص ص 62 ط الحيدرية، وأبي حامد الغزالي في كتابه سر العالمين وكشف ما في الدارين ص 21 ط النعمان.
(1) الذي أخرجه البخاري عن عبيد الله بن عبد الله بن مسعود عن ابن عباس، وأخرجه مسلم أيضا وغيره (منه قدس).
(205) تقدمت مصادر الحديث تحت رقمي (199 و 203) فراجع.
(2) كما في ص 138 من الجزء الثالث من كنز العمال (منه قدس).
(206) النساء خير من الرجال:
راجع: عبد الله بن سبأ للعسكري ج 1 / 79، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 243.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»