وقد كان في وسع الخليفتين وأوليائهما أن يكفوا الأمة شر هؤلاء بتدوين السنن على نحو ما ذكرناه، وما كان ليخفى عليهم رجحان ذلك، ولعلك تعلم أنهم كانوا أعرف منا بلزومه، لكن مطامعهم التي تأهبوا وأعدوا وتعبأوا لها، لا تتفق مع كثير من النصوص الصريحة المتوافرة التي لا بد من تدوينها لو أبيح التدوين لكونها مما لا يجحد صدوره ولا يكابر في معناه (195) ومن هاهنا أتينا فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أما رسول الله صلى الله عليه وآله فقد استودع كلا من الكتاب والسنة ومواريث الأنبياء وصيه ووليه علي بن أبي طالب، وبذلك أحصاها في إمام مبين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وعهد إليه أن يحصيها فيمن بعدة من الأئمة (196) وهكذا يكون إحصاؤها في أئمة العترة إماما بعد إمام ثقل رسول الله وأعدال كتاب الله لن يفترقا حتى يردا الحوض على رسول الله.
وقد صحح عنه صلى الله عليه وآله قوله: " علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (197).