صبرا نفسيهما مع علي بن أبي طالب (193) وسائر الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه من آل محمد صلى الله عليه وآله والخيرة من أصحابه فيحبساهم على جمع السنن والآثار النبوية وتدوينها في كتاب خاص يرثه عنهم من جاء بعدهم من التابعين فتابعيهم في كل خلف من هذه الأمة، شأن الذكر الحكيم والفرقان العظيم، فإن في السنة ما يوضح متشابه القرآن، ويبين مجمله، ويخصص عامه ويقيد مطلقه، ويوقف أولي الألباب على كنهه، فيحفظها حفظه، وبضياعها ضياع لكثير من أحكامه، فما كان أولاها بعناية الخليفتين واستفراغ وسعهما في ضبطها وتدوينها، ولو فعلا ذلك لعصمة الأمة والسنة من معرة الكاذبين بما افتأتوه على رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ لو كانت السنن مدونة من ذلك العصر في كتاب تقدسه الأمة لارتج على الكذابين باب الوضع، وحيث فاتهما ذلك كثرت الكذابة على النبي صلى الله عليه وآله ولعبت في الحديث أيدي السياسة، وعاثت به السنة الدعاية الكاذبة، ولا سيما على عهد معاوية وفئته الباغية، حيث سادت فوضى الدجاجيل، وراج سوق الأباطيل (194).
(١٤٣)