النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١١٢
أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري عنه فطعنته برمحي، فلما قدمنا بلغ النبي ذلك فقال: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله. قلت: كان متعوذا. فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " (154).
قلت: ما تمنى ذلك حتى ظن أن جميع ما عمله قبل هذه الواقعة من إيمان وصلاة وزكاة وصوم وصحبة وجهاد وغيرها لا يمحو عنه هذه السيئة وأن أعماله الصالحة بأجمعها قد حبطت بها، ولا يخفي ما في كلامه من الدلالة على أنه كان يخشى أن لا يغفر له بعدها، ولذا تمنى تأخر إسلامه عنه، ليكون داخلا في حكم قوله صلى الله عليه وآله: " الإسلام يجب ما قبله ". وناهيك بها حجة على احترام أهل لا إله إلا الله وعصمة دمائهم.
وأخرج البخاري في باب بعث علي وخالد إلى اليمن من صحيحه أن رجلا قام فقال: يا رسول الله اتق الله. فقال صلى الله عليه وآله: ويلك ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟!. فقال خالد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال صلى الله عليه وآله: لا، لعله أن يكون يصلي " (155).

(١٥٤) عدم رضا النبي صلى الله عليه وآله لما قتل أسامة رجلا قال لا إله إلا الله:
راجع: صحيح البخاري ك المغازي ب ٤٥ ج ٥ / ١٨٣ وك الديات ب ٢ ج ٩ / ٤ ط مطابع الشعب، صحيح مسلم ك الإيمان ب ٤١ ح ١٥٩ ج ١ / ٩٧ تحقيق محمد فؤاد، مسند أحمد بن حنبل ج ٥ / ٢٠٠، أسد الغابة ج ١ / 65.
(155) وهذا الحديث أخرجه أحمد من مسند أبي سعيد الخدري في ص 4 من الجزء الثالث من مسنده. ومثله ما نقله العسقلاني في ترجمة سرحوق المنافق في الإصابة من أنه أتي به ليقتل قال رسول الله: هل يصلي؟ قالوا: إذا رآه الناس. قال صلى الله عليه وآله: " إني نهيت عن قتل المصلين. وكذلك ما أخرجه الذهبي في ترجمة عامر بن عبد الله بن يسار من ميزانه عن أنس قال: ذكر عند النبي رجل فقيل ذلك كهف المنافقين فلما أكثروا فيه رخص لهم في قتله ثم قال: هل يصلي؟ قالوا: نعم صلاة لا خير فيها قال صلى الله عليه وآله: إني نهيت عن قتل المصلين. قلت: ليت خالد بن الوليد احترم صلاة مالك بن نويرة، فانتهى بها عن قتله، وقد شهد له عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري أن مالكا صلى صلاة الصبح معهم يوم قتله، لكنه افتتن بعرس مالك كما قال معاصره أبو زهير السعدي:
قضى خالد بغيا عليه بعرسه * وكان له فيها هوى قبل ذلك - (الأبيات) (منه قدس).
وراجع: صحيح البخاري ك المغازي ب 59 ج 5 / 207 ط مطابع الشعب، الفصول المهمة لشرف الدين ص 14 ط 5.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»