عندي، فقال: " لا أحب "، ثم خرج، فوالله لقد امتلأ قلبي منه خيفة.
ومن ثم كتب عبد الملك للحجاج أن يجتنب دماء بني عبد المطلب، وأمره بكتم ذلك، فكوشف به زين العابدين فكتب إليه: " انك كتبت للحجاج يوم كذا سرا في حقنا بني عبد المطلب بكذا وكذا، وقد شكر الله لك ذلك " وأرسل به إليه، فلما وقف عليه وجد تأريخه موافقا لتأريخ كتابه للحجاج، ووجد خروج الغلام موافقا لمخرج رسوله للحجاج، فعلم أن زين العابدين كوشف بأمره، فسر به، وأرسل إليه مع غلامه بوقر راحلته دراهم وكسوة، وسأله أن لا يخيله من صالح دعائه (1). انتهى.
ثم ذكر قصة الفرزدق المشهورة مع هشام ومدحه للامام الهمام صلوات الله عليه بالابيات المعروفة، فقال: وكان زين العابدين عظيم التجاوز والعفو والصفح، حتى أنه سبه رجل فتغافل عنه، فقال له: إياك أعني، فقال: " وعنك أعرض " أشار إلى الآية: * (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) * (2).
وكان يقول: " ما يسرني بنصيبي من الذل حمر النعم ".
توفي وعمره سبع وخمسون، منها سنتان مع جده علي، ثم عشر مع عمه الحسن، ثم إحدى عشر سنة مع أبيه الحسين ويقال: سمه الوليد بن عبد الملك، ودفن بالبقيع عند عمه الحسن (3). انتهى.
قال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار في باب العمل والكد: علي بن الحسين لما مات فغسلوه وجدوا على ظهره مجلا مما كان يستقي لضعفة جيرانه بالليل، ومما كان يحمل إلى بيوت المساكين من جرب الطعام (4).