في وقايعهم كما في قصة عمار في التيمم وغيره، فهو الطريق حيث لا معصوم، وليس هو جاريا في جميع المسائل فيما لا نص فيه منها، أو ما فيه ولا دلالة فيه، أو ما فيه وفيه الدلالة ولا معارض صالح للمعارضة في نظر العقلاء.
وهذا السبيل فيه الاستدلال على ما حقق في موضعه من الشرايط من اعتبار دلالة الحديث وعمومه، وإجماله وبيانه، وإطلاقه وتقييده وعمل الأكثر به وغير ذلك وما لا نص فيه يعمل بالبراءة الأصلية أو بالاستصحاب أو بتفرعه عن مسئلة تصلح أن تكون أصلا له ولها في الحديث أثر أو فتوى أعيان الأصحاب به، فان الظن يغلب بصحته، وأنه بسبب، وإن خفي. لأن أقوالهم كالحجج في الدلالة.
وهذا الباب كله على المستغني بشرايط الاستفتاء أن يطلب الفتوى من المفتي بشرايط الفتوى، وله العمل به ما دام حيا، فإذا مات بطل عمله فيه، وطلبه من مفت آخر لئلا تكون الحجة في كلام المفتي دون ما شرعه الله إذ قد يطلع المتأخر على وجه من الكتاب والسنة فيه الدلالة، أو دلالته أقوى، لولا ذلك لنبذ الكتاب، و اتبع فتاوى أهل الاجتهاد، وليس ذلك بطريق النجاة، ولا منه في شئ.
فإن لم يوجد مفت رجع إلى ما به يكون المفتي مفتيا فإن لم يكن أو أمكن ولم يتمكن فيه في الحال، عمل بنقله عن الميت ساعيا في طلب الحكم من مظانه، وهذا الطريق عليه السلف حتى أن السعيد حكي في رسالته ما قال له أبوه جوابا عن العمل بقول الميت أنه أمر حيث لا طريق بالعمل بواجب الاعتقاد، والحديث مشهور مؤلف في المسطور.
فيا ذوي الألباب وطلاب الحق والصواب أي عذر يبقى لمن أعرض عن طريق الاجتهاد بعد قول إمام المجتهدين، وكيف لم يدعه داعي الثواب إلى العمل بقوله أو بما ألفه مما أتعب نفسه في تأليفه وبذل وسعه في تصنيفه، بل رضى ببطلانه وأمر بمراجعة ما هو في بداية البدايات، بعد تأليفه نهاية النهايات.
ليت شعري هلا وجد إلى نصح المسلمين والله خاصه مع عظم إشفاقه عليه، وميله بالطبع والعقل إليه، لولا علمه بأن من رضي بذلك زلت قدمه، وحبط علمه