وغلب طاعته، زلله، أعاذنا الله من اتباع الهوى، ووفقنا للعمل بما يحب و يرضى.
الثانية: مراتب الرواية متعددة فأعلاها قراءة الشيخ، وبعدها القراءة عليه، وبعدها سماع القراءة عليه، وبعدها المكاتبة، وآخر مراتبها الإجازة، وهي مع ذلك أعمها نفعا، وأعظمها وقعا، وأكثرها فائدة، وأقواها عائدة، وقد تكون مرسلة عن الثقات ومعنعنة من عدل إلى عدل أو إلى ممدوح أو من ممدوح إلى مثله أو إلى عدل، وقد تكون مرسلة عن عين ثقة ومعنعنة عن ضعيف، كما هو في أقسام الرواية.
وحينئذ إذا عرفت هذا فالرواية إن كانت لكتب فتوى انقطعت بالوصول إلى مصنفها، وإن كانت الأحاديث اتصلت بالامام متصلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: ربما توهم بعض من لا تحصيل له ن الإجازة تجيز العمل، وهو مما لا يشتبه على من له أدنى تأمل ويسير مسكة وأنقص فهم، وذلك لأنها من مراتب الرواية، والرواية لا تقتضى العمل من حيث هي قطعا، بل يبتع المروي، فان جاز العمل به عمل، وإلا فلا، فهي إذا تقيد تسلط المجاز له على ما أجيز له فيه رواية وإجازة فإن كان راجحا بأحد طرق الرجحان عمل به، وإلا فلا، وقد يعمل به من ينقله دون من ينقله إليه فرب حامل فقه ليس بفقيه.
ويوضح ذلك هذا زيادة على ما مضى أن الإجازة إما من مجتهد أو منتهية إليه، لأن الرواية المنقطعة عنه ليست متصلة، ومعلوم أن المجتهد لا يجيز العمل إلا بمقتضى ما يقوم له الدليل عليه، مع أن الإجازة تشتمل على إجازة جميع المصنفات والمؤلفات والمجازات، وفيها ما لا يجوز للمجيز نفسه العمل به، فأولى أن لا يجيزه لغيره، وكيف يجوز لابن إدريس، - ره - مثلا أن يجيز كتب الشيخ - ره - بتقدير أن الإجازة للعمل أم كيف يجوز للمجتهد أن يجيز لمجتهد مثله إجازة عمل مع أن المجاز له يأخذه عمن أجاز له لاستقلاله.
هذا وصريح في الإجازات أنها تكون في المعقول والمنقول فحينئذ الإجازة ليست إلا للرواية فحسب لا يتعلق بها البطلان من حيث الموت كما لا تبطل الاخبار