ولابد لكل شئ في كل شئ منه.
فإن لم يقدح في نفسك ذلك فعالجها بالحياء، فان من أحسن إليك وأنت تسئ إليه ثم عاودك بالاحسان ثم أسأت ثم عاودك بالاحسان وفي كل ذلك هو حاضر معك، غني عنك راع لك يرى اللطف بك أجدر، عساك أن ترجع إلى ما يصلحك، حقيق أن تستحي منه، قال تعالى " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقسمت قلوبهم وكثير منهم فاسقون ".
فإن لم يقدح في نفسك، فعالجها بالتجارة فيه وأن المتجر الذي لا يخيب التاجر فيه، والمربح الذي لا خسران معه، والحفيظ الذي لا يعزب عنه ما تعمل له، والوكيل الذي يثمر الحسنة لعاملها، وانظر سعيك في يسير متجر الدنيا كم تشتغل له، وكم تبذل فيه من نفائس أوقاتك طيبة به نفسك، غير مخاط لها وسوسة ولا ضجر.
فإن لم تتجر فيه، فقلبك في غمرة من توعده قال تعالى " بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون " وقال تعالى بعد أن حكى خبر يوسف " وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوء منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون " وقال في قصة قارون " فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما اوتى قارون إنه لذو حظ عظيم، وقال الذين أوتوا العلم والايمان ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقيها إلا الصابرون ".
هذا في العموم وأما الخصوص فهو أن تحافظ على أوقاتك لا تضيع شيئا منها فتخسر، فان فرغت فاذكر الله فان ذكر الله على كل حال يعدل أكثر الأعمال الصالحة وإذا توجهت إلى عبادتك فاحرس نفسك عن وساوس الصدر إليه، واستح من ربك أن يراك إذا توجهت في حاجة من حاجات الدنيا إلى غيره توجهت بقلبك وإذا توجهت إليه أعرضت عنه حال توجهه إليك، فإنك مع ذلك حقيق بالمقت من الله تعالى.