وحدث الوزير جمال الدين ابن القفطي في تاريخ الحكماء في ترجمة يوسف ابن يحيى بن إسحاق السبتي المعروف بابن شمعون، قال: قلت له يوما: إن كان للنفس بقاء يعقل حال الموجودات من خارج بعد الموت، فعاهدني على أن تأتيني إن مت قبلي، وآتيك إن مت قبلك، فقال: نعم، ووصيته أن لا يغفل، ومات و أقام سنين، ثم رأيته في النوم وهو قاعد في عرصة مسجد من خارج في حظيرة له، و عليه ثياب جدد بيض.
فقلت له: يا حكيم ألست قررت معك أن تأتيني لتخبرني بما نقلت؟ فضحك وأدار وجهه فأمسكته بيدي وقلت له: لابد أن تقول لي ماذا لقيت وكيف الحال بعد الموت؟ فقال: الكلي لحق بالكلي، وبقي الجزئي في الجزء، ففهمت عنه في حالة كأنه أشار إلى أن النفس الكلية عادت إلى عالم الكل والجسد الجزئي بقي في الجزء وهو مركز الأرض فتعجبت بعد الاستيقاظ من إشارته.
واعلم أن رد الأعمال المذكورة لعدم إحرازها بعض شروط الصحة والكمال ولو لصدورها عن الذين يطلب منهم من الاخلاص والتصفية ما لا يطلب من غيرهم، لبلوغهم من درجات العلم والمعرفة ما لا يبلغه غيرهم، لا ينافي قبولها بعد العفو والصفح عما فيها من الخلل، لعمل جزئي خالص آخر، فيترتب عليها من الآثار ما كان يترتب عليها لو صدرت وهي خالصة جامعة لجميع شرايط الصحة والكمال، وهذا أحد الاحتمالات في قوله تعالى " أولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات ".
وفي الصحيفة الكاملة " واجعل ما ذهب من جسمي وعمري في سبيل طاعتك " ونظير هذه الرؤيا ما روي عن العالمين الجليلين الزاهدين صاحبي الكرامات المولى عبد الله الشوشتري، والمولى أحمد الأردبيلي طاب ثراهما، كما ذكرته في دار السلام.
واعلم سدد الله تعالى مقالك، وأصلح سرائرك وفعالك أن بعض المتكلفين الذي أحب أن يعد من المؤلفين ذكر في ترجمة صاحب العنوان طاب الله تعالى ثراه أشياء منكرة، وأكاذيب صريحة، ليس لها في كتب الأصحاب وأرباب التراجم أثر، ولا عند العلماء منها خبر، كدأبه في أكثر التراجم بل ذكر في حق كثير من أعيان العلماء