فقال: للدهشة والابتلاء الذي كان، ومنعني عنه، والآن فقد حصل لي فراغ في الجملة.
فسأله عما جرى عليه، فقال: أوقفوني في مقام الخطاب الإلهي، فنوديت ماذا جئت به؟ فقلت: صرفت عمري في التأليف والتصنيف في الأخبار والأحاديث، و في جمعها وتفسيرها لي كتب كثيرة، فجاء الخطاب لكنك صدرتها باسم السلاطين وكنت تبتهج وتسر إذا مدحها الناس وتحزن من مذمتها، فكان مدح الناس ورضى السلاطين أجرك منها.
فقلت: صرفت عمري في الأوقات الخمسة في إمامة الناس، وجمعهم على إقامة الصلاة، فجاء الخطاب، نعم ولكنك كنت تسر من كثرتهم، وتحزن من قلتهم، ولا يليق بنا هذا العمل، وهكذا كلما عرضت عملا رد بنقص فيه حتى سقطت جميع حسناتي عن درجة القبول، ويئست من نفسي، فجاء الخطاب إن لك عندنا عملا واحدا مقبولا كنت تمشي يوما في بعض سكك أصفهان، وكان أول أوان السفرجل، وكان بيدك واحدة منها، فمرت بك امرأة ويمشي وراءها طفل صغير، فلما رأى السفرجلة بيدك، قال: يا أماه أريد السفرجل، فناولته إياه طلبا لرضاي، فسر به، فعفونا عنك بهذا العمل، وجاوزنا عنك.
قلت: توفي المولى محمد صالح قبل العلامة المجلسي - ره - بثلاثين سنة كما تقدم، فلعل المعاهدة كان بينه وبين صهره على بنته الأمير محمد صالح المتقدم ذكره الذي توفي بعده بخمسة سنين، أو كانت القضية بالعكس، ولا أدرى أن الاشتباه من صاحب الخزاين أو من الناقل.
وروى السيوطي في الدر المنثور عن سعيد بن المسيب، قال: التقى سلمان الفارسي وعبد الله بن سلام، فقال أحدهما لصاحبه: إن مت قبلي فالقني، وأخبرني ما صنع بك ربك، وإن أنا مت قبلك فأخبرتك، فقال عبد الله بن سلام: كيف هذا؟
قال: نعم، إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت، ونفس الكافر في سجين.