من الحرم ويقضون حاجتهم في وسط الصحن، ثم يتوضون كأقبح ما يكون، ويدخلون الحرم بتلك الأرجل الملوثة، فانزجر وضاق صدره واشمئز منهم.
فلما كان في ليلة العيد، وقد فاتته الزيارة في ليلة عرفة كما أرادها، تهيأ في تلك الساعة للزيارة والدعاء، فلما دخل الحرم رآه بتلك الحالة حتى أن بعضهم كان نائما متصلا بشباك علي بن الحسين عليه السلام، فدار في الحرم فلم يجد موضعا يصلي فيه، و رأي الأعراب كالسابق، فلم يملك نفسه فزار مخففا وخرج إلى منزله ونام.
فرأى في المنام كأن أحدا يقول: إن المولى المعظم محمد باقر المجلسي مشغول بالتدريس في الصحن الشريف، قلت: سلمه الله وفي أي مكان منه يدرس، قال: في طاق الصفا الواقع في سمت الرجلين، فقلت في نفسي: أذهب إلى المجلسي لا شاهد كيفية تدريسه، فقمت مستعجلا ودخلت الصحن، وأردت الدخول في الطاق، فقيل إن مدخله من الحجرة التي في الطرف الأيمن فدخلتها فرأيت فيها بابا يفتح إليه، وكأنه مسجد فيه زهاء خمسمأة من العلماء والفضلاء جالسين، وفيه منبر له درجتان، و مولانا المجلسي - ره - قاعد عليه يدرس، وسمعته يقول: إذا ارتبتم في موضع قال الرضا: لا تعملوا به حتى تكشفوا عن حال رواته ثم أخذ في الواعظ فوعظهم، ثم شرع في ذكر المصيبة.
فلما هم بها دخل شخص من داخل الحجرة، وقال: إن الصديقة الطاهرة تقول: أذكر المصائب المشتملة على وداع ولدي الشهيد، فشرع في ذكر تلك المصائب، ودخل حينئذ في المسجد من الوعاظ والتجار خلق كثير، فبكوا بكاء شديدا لم أر مثله في عمري، ثم نزل.
ورأيت ذلك الشخص دخل ثانيا وقال له - ره -: ائت الحضرة النبوية وهو داخل الحرم، فقام المجلسي - ره - ودخل الحرم وقمت للزيارة، فلما وصلت إلى محل چهل چراغ رأيت واحدا خرج من الحرم وقال: إن الصديقة الطاهرة قالت لأبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ائذن لي أن أزور من زار ولدي الشهيد، وقال المجتبى يا جداه:
أئذن لي أن أزور مع أمي من زار أخي الشهيد، والآن يخرجان من الحرم قاصدين