بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٢ - الصفحة ١٥٤
مرضا كان فيه حتفه فانكسرت فيه خواطر جميع أهل الإسلام في رزيته وعظمت مصيبته في قلوب عموم أحبته، وخصوص أهل بلدته، فأغلقت المساجد والأبواب، وأقيمت مراسم التعزية إلى سبعة أيام طباق، وكنت أنا أيضا من جملة المشتغلين بمراسم ذلك العزاء، ذاهلا عما وقع بيني وبينه من المعاهدة والبناء، حتى انقضى الأسبوع من يوم رحلته فأتيت تربته الزكية فيمن أتاها بقصد زيارته.
فلما قضيت الوطر من البكاء والتحسر عليه، وقراءة ما تيسر من القرآن والدعاء لديه، غلبني المنام عند مرقده الشريف، فرأيته في الواقعة كأنه خارج من مضجعه المنيف، واقف على حضرته في أجمل هيئته وأتم زينته، فتذكرت أنه كان ميتا فعدوت إليه وسلمت عليه، والتزمت بابهامي يديه (1) وقلت: يا سيدي بلغ المجهود، و حان حين الموعود فأخبرني بما قد ساقت المنية إليك، ورأيته عند الموت وبعد الموت بعينك، وسمعت بأذنيك ثم عما ظهر من حقيقة الأمر المعهود عليك.
فقال: نعم يا ولدي! اعلم أني لما مرضت مرض الموت أخذت العلة مني

(1) قال قطب الدين محمد بن شيخعلى اللاهيجي الإشكوري في محبوب القلوب: ان امساك اليد في النوم عند استخبار حقايق النشأة الباقية وما ذاق من كيفية الموت ومرارته عن الموتى والجائهم عند الإجابة كما هو المجرب المشهور والدائر في الألسن فمما لا يبعد بناء على تأثير النفس الناطقة عما يرتسم في قواها الجرمية الجسمية كما هو مزعوم جم غفير من العلماء.
وذلك لان للنفوس المتعلقة بهذه الأجساد مشابهة ومشاكلة مع النفوس المفارقة عن الأجساد فيكون لتلك المفارقة نيل إلى النفوس التي لم تفارق وله أيضا تعلق ما بهذه الأبدان بسبب ما بينها وبين نفوسها من المؤالفة والمشابهة فلا عجب أن يعترى للنفوس المفارقة بسبب امساك أيدي الاحياء في النوم انقباض وانزجار وهذا الانقباض موجب لالجائهم إلى إجابة السؤال حتى تخلصوا وتنجوا من أيديهم المنقبضة الموجبة لتردد النفس بسبب ارتكاب ما هو الموجب للوبال والنكال ويقولون بلسان الحال الذي هو أنطق من لسان المقال:
ما هر چه ميكشيم زدست تو ميكشيم منه ره.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست