مرضا كان فيه حتفه فانكسرت فيه خواطر جميع أهل الإسلام في رزيته وعظمت مصيبته في قلوب عموم أحبته، وخصوص أهل بلدته، فأغلقت المساجد والأبواب، وأقيمت مراسم التعزية إلى سبعة أيام طباق، وكنت أنا أيضا من جملة المشتغلين بمراسم ذلك العزاء، ذاهلا عما وقع بيني وبينه من المعاهدة والبناء، حتى انقضى الأسبوع من يوم رحلته فأتيت تربته الزكية فيمن أتاها بقصد زيارته.
فلما قضيت الوطر من البكاء والتحسر عليه، وقراءة ما تيسر من القرآن والدعاء لديه، غلبني المنام عند مرقده الشريف، فرأيته في الواقعة كأنه خارج من مضجعه المنيف، واقف على حضرته في أجمل هيئته وأتم زينته، فتذكرت أنه كان ميتا فعدوت إليه وسلمت عليه، والتزمت بابهامي يديه (1) وقلت: يا سيدي بلغ المجهود، و حان حين الموعود فأخبرني بما قد ساقت المنية إليك، ورأيته عند الموت وبعد الموت بعينك، وسمعت بأذنيك ثم عما ظهر من حقيقة الأمر المعهود عليك.
فقال: نعم يا ولدي! اعلم أني لما مرضت مرض الموت أخذت العلة مني