بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٢ - الصفحة ١٥٥
تزايدا وتشتد آنا فآنا إلى أن بلغ مبلغا لم يكن في وسع البشر تحمله، فشكوت إلى الله تعالى في تلك الحالة العجيبة، وتضرعت إليه وقلت: يا رب إنك قلت في كتابك:
" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " وقد علمت أنه نزل بي يا رب في هذه الساعة ما قد تكأدني ثقله، وألم بي من الكرب والوجع الشديد ما قد بهظني حمله، ففرج عني برحمتك فرجا عاجلا قريبا، ومن علي بالنجاة من هذه العلة، والخلاص من هذه الشدة، أعاذنا الله وجميع المؤمنين من كرب السياق وجهد الأنين، وترادف الحشارج، وأعاننا عليه بفضله وجوده وكرمه وإحسانه.
قال: فبينا أنا في هذه الحالة إذ أتاني آت في زي رجل جميل، وجلس عند رجلي، وسئلني عن حالي، فقلت له: مثل ما شكوت إلى ربي، فلما سمع مني الكلام وضع كفه على أصابع رجلي، وقال: ما ترى؟ هل سكن الوجع منك؟ قلت:
أرى خفا وراحة فيما وضعت راحتك عليه، وشدة فيما يعلوه في بدني فأخذ يرتقي شيئا فشيئا إلى الفوق، ويسئل مني الحال، وأجبته بمثل ذلك المقال إلى أن بلغ مواضع القلب من صدري فرأيت الألم بالمرة قد انتقل من جسدي.
وإذا بجسدي جثة ملقاة في ناحية بيتي، وأنا واقف بحذائه أنظر إليه مثل المتعجب الحيران، والأهل والأحبة والجيران من حول النعش في الصراخ والعويل يبكون ويندبون، ويلتزمون الجسد بأنواع الشجون وأنا كلما أقول لهم ويحكم إنكم كنتم مشغولين عني وأنا في مثل تلك الفجيعة الكابرة، والبلية العظمى، والآن تندبون وتنوحون على وقد ارتفع ما كان بي من الألم، وليس بي والحمد لله من بأس ولا سقم وهم لا يسمعون قولي، ولا يصغون نصيحتي، ولا يدعون شيئا من الجزع إلى أن تهيأ الجميع، وجاءوا بالعمارية، ووضعوا النعش فيها، وحملوها إلى المغتسل.
فبلغني عند ذلك أيضا من الوحشة والفزع ما بلغني إلى أن أقاموا عليها الصلاة، ثم حملوها إلى هذه التربة التي تراها، وأنا في خلال جميع الأحوال سالك قدام الجنازة، حتى أرى ما يصنعون بها، فلما نزلوا الجسد، ووضعوه في ناحية من هذا الموضع، وجعلوا يعالجون موضع الحفيرة، كنت أقول في نفسي لو أدخلوه في هذه
(١٥٥)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست