رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٠٢
والتسبب بها إلى ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر و الانتساب بها إلى عالم الملكوت والملائكة الغرر وتلقى الفيض من عالم الغيب والشهادة وايجاب القليل منها لعظيم الزيادة انما يتم بالاقبال بالقلب في أفعالها وحركاتها وسكناتها على الله تعالى والتفكر في اسرارها وتقلب النفس حالاتها حسب اختلاف أوضاعها وأطوارها فإنها تارة قصد واخلاص وانقطاع واختصاص وتارة تكبير لله تعالى وتمجيد وثناء وتحميد وتارة دعاء وابتهال واخرى خضوع وتشاغل بحضرت ذي الجلال وتارة خشوع وتململ على التراب بين يدي رب الأرباب وتارة تجديد عهد بكلمة التوحيد وتقرير الاسلام وتذكير بالعهد القديم المأخوذ على الأنام وتارة تحية لمقربي حضرته بلفظ السلام إلى غير ذلك من دقايق الحقايق التي تظهر للمصلى بفكره الصادق ومن ثم كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء موجبه للقرب والزلفى كما نطق به القران الحكيم وردت به الاخبار عن النبي صلى الله عليه وآله عليهم أفضل الصلاة وأكمل التسليم و ح فلابد للمكلف المستيقظ من الاقبال بقلبه عليها والتفكر في اسرارها والتأدب بأدابها والا كانت بمنزلة الجسد من غير روح والشجرة من غير ثمرة والعمل من غير غاية وقد ذكرنا في هذه الرسالة نبذة من اسرارها وزبدة من آدابها وأكثرها قد وردت به النصوص عن أهل الخصوص عليهم أفضل الصلاة وأكمل التحيات وبمراعاتها يرتقى القابل من مدارجها إلى معارج الاسرار والتجليات وهذه الأمور وإن كانت متفرقة في تضاعيف النصوص وكلام الكاملين من العلماء العاملين لكن لا يكاد يجتمع أطرافه الا عند قليل من الأماجد ولا يطلع على معادنه الا واحد بعد واحد فشاركتهم في مثوبته بجمع أطرافه ومبانيه وتهذيب ترتيبه وتقريب معانيه وصارت مع ذلك مقررة للرسالتين الشريفتين اللتين اشتملت إحديهما على واجبات الصلاة
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست