إلى يوم القيمة فانظر إلى قوله عليه السلام لا يطفى نوره إلى يوم القيمة فان هذا حكم نور القلب بالمعنى الثاني لأنه باق وان خرب البدن بخلاف الأول كما حقق في موضع اخر وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ما من عبد الا وفى قلبه نقطة بيضاء فان أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء فان تاب ذهب ذلك السواد وان تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطى البياض فإذا اعطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير ابدا وهو قول الله عز وجل كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وقال الله تعالى ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذاهم مبصرون فأخبر ان جلاء القلب يحصل بالذكر وان المتقين هم المتذكرون فالتقوى باب الذكر والذكر باب الكشف و الكشف باب الفوز الأكبر واعلم أن القلب مثاله مثال حصن والشيطان عدو يزيد ان يدخل الحصن ويملكه و يستولى عليه ولا يقدر على حفظه تحصن من العدو الا بحراسة أبواب الحصن ومداخله و مواقع تهمه فينبغي الاهتمام بمعرفة ذلك وتفصيله مما يطول الكلام فيه ويخرج عن الغرض والامر الجامع له الاقبال على الله تعالى وتخييل انك واقف بين يديه فإن لم تكن تراه فإنه يراك كما ورد في الخبر فان أشعرت بذلك وتحققته وعملت به انسدت الأبواب دون وساوس اللعين واقبل القلب على الله تعالى وتفرغ للعبادة وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله ان العبد إذا اشتغل بالصلاة جاءه الشيطان وقال له أذكر كذا أذكر كذا حتى يضل الرجل ان يدرى كم صلى ومن هنا ظهر لك ان مجرد التلفظ بالذكر باللسان ليس هو الزاجر للشيطان بل لابد معه من عمارة القلب بالتقوى و تطهيره من الصفات المذمومة التي هي أعوان إبليس وجنون والا فالذكر من أقوى مداخل الشيطان وكذلك غيره من العبادات ولذلك قال الله تعالى ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذاهم مبصرون فخصص ذلك بالمتقي و
(١٠٥)