تقديم ما أمر الله بتأخيره وتأخير ما أمر بتقديمه، والاسراف تجاوز الحد في الخطاء.
(أنت المقدم) أي الأشياء بحسب الأزمنة والأمكنة، والمؤخر لها بحسبهما أو بحسب المراتب الدنيوية، فيرجعان إلى المعز والمذل أو الأخروية كما قدم الأنبياء والأوصياء أنهم أئمة وأخر غيرهم عنهم فجعلهم أتباعا لهم، ويحتمل أن يراد بهما ما يرجع إلى البداء، ولعله أنسب بالمقام (بعلمك الغيب) الباء للقسم ويحتمل السببية (خشيتك في السر والعلانية) لعل المراد بالخشية أثرها، وهو فعل الطاعة وترك المعصية، أي يظهر أثر الخشية مني في حضور الخلق وغيبتهم (في الغضب) أي عن المخلوقين (والرضا) أي عنهم، والمعنى لا يكون غضبي على أحد سببا لان لا أقول الحق فيه، ولا رضاي عن أحد سببا لان أثبت له ما ليس له، والقصد التوسط في النفقة.
(نعيما لا ينفد) أي في الآخرة أو في الدنيا أو الأعم بأن يتصل نعيم الدنيا بنعيم الآخرة، وهو أتم، ومثله قرة العين وهو ما يوجب السرور، وقيل أريد به النسل الذي لا ينقطع لقوله تعالى ﴿هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين﴾ (1) أو المحافظة على الصلوات لقوله صلى الله عليه وآله (وقرة عيني في الصلاة).
وقال في النهاية: فيه الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة، أي لا تعب فيه ولا مشقة، و كل محبوب عندهم بارد، والنظر إلى الوجه المراد به النظر بعين القلب إلى ذاته تعالى أو بعين الرأس إلى حججه عليهما السلام فإنهم وجه الله الذي يتوجه بهم إليه، ومن أراد التوجه إلى الله يتوجه إليهم، وكذا المراد بلقائه تعالى إما لقاؤهم أو لقاء ثوابه، وعلى التقديرين أريد به الشوق إلى الموت والآخرة، وقطع التعلق عن الدنيا.
وقوله: (من غير ضراء) متعلق به أي لا يكون رضاي بالموت بسبب البلايا الشديدة التي لا يمكنني الصبر عليها، فأتمنى الموت لها، (والمضرة) تأكيد للضراء، أو وصف لها لأنه لا يكون الدنيا بدون الضراء في الجملة، ولكن لا يكون ضراء لا يمكنني الصبر عليها، أو المراد بها مضرة الآخرة، وقيل متعلق بأحيني ويحتمل تعلقه بالجميع أي أعطني جميع ذلك من غير أن يكون بي ضراء شديدة.