معه المغنيات والنوائح فلما دنا من مدينة ذلك الملك أخبر الملك بقدومه فأمر الناس بالخروج إليه وأمر له بمنزل خارج من المدينة فنزل الغلام في ذلك المنزل فلما جلس فيه ونشر متاعه وأمر غلمانه أن يبيعوا الناس ويساهلوهم في بيعهم ويسامحوهم ففعلوا ذلك فلما رأى الناس قد شغلوا بالبيع انسل ودخل المدينة وقد علم أين سجن أخيه، ثم أتى السجن فأخذ حصاة فرمى بها لينظر ما بقي من نفس أخيه، فصاح حين أصابته الحصاة. وقال: قتلتني ففزع الحرس عند ذلك و خرجوا إليه وسألوه لم صحت وما شأنك وما بدا لك وما رأيناك تكلمت ونحن نعذبك منذ حين ويضربك ويرميك كل من يمر بك بحجر، ورماك هذا الرجل بحصاة فصحت منها؟ فقال: إن الناس كانوا من أمري على جهالة ورماني هذا على علم فانصرف أخوه راجعا إلى منزله ومتاعه، وقال للناس: إذا كان غدا فأتوني أنشر عليكم بزا ومتاعا لم تروا مثله قط فانصرفوا يومئذ حتى إذا كان من الغد غدوا عليه بأجمعهم فأمر بالبز فنشروا وأمر بالمغنيات والنايحات وكل صنف معه مما يلهى به الناس فأخذوا في شأنهم فاشتغل الناس فأتى أخاه فقطع عنه أغلاله، وقال:
أنا أداويك فاختلسه وأخرجه من المدينة فجعل على جراحاته دواء كان معه حتى إذا وجد راحة أقامه على الطريق، ثم قال له: انطلق فإنك ستجد سفينة قد سيرت لك في البحر، فانطلق سائرا فوقع في جب فيه تنين وعلى الجب شجرة نابتة فنظر إلى الشجرة فإذا على رأسها اثنا عشر غولا وفي أسفلها اثنا عشر سيفا، وتلك السيوف مسلولة معلقة فلم يزل يتحمل ويحتال حتى أخذ بغصن من الشجرة فتعلق به وتخلص وسار حتى أتى البحر فوجد سفينة قد أعدت له إلى جانب الساحل فركب فيها حتى أتوا به أهله.
عمرك الله أيها الملك أتراه عائد إلى ما قد عاين ولقى، قال: لا، قال: فإني أنا هو فيئسوا منه، فجاء الغلام الذي صحبه من المدينة وقال: اذكرني لها وأنكحنيها فقال الغلام للملك إن هذا يقول إني أحب أن ينكحنيها الملك، فقال: لا أفعل قال:
أفلا أضرب لك مثلا؟ قال: بلى.