وأصواتهم قال: ما هذا؟ قالوا: هؤلاء لعابون وزمارون جمعوا لعرسك، فسكت الغلام، فلما فرغوا من العرس وأمسوا، دعا الملك امرأة ابنه فقال لها: إنه لم يكن لي ولد غير هذا الغلام، فلما دخلت عليه فألطفي به وأقربي منه وتحببي إليه، فلما دخلت المرأة عليه أخذت تدنو منه وتتقرب إليه، فقال الغلام على رسلك (1) فإن الليل طويل، بارك الله فيك، واصبري حتى نأكل ونشرب، فدعا بالطعام فجعل يأكل فلما فرغ جعلت المرأة تشرب فلما أخذ الشراب منها نامت.
فقام الغلام فخرج من البيت، وانسل من الحرس والبوابين حتى خرج وتردد في المدينة، فلقيه غلام مثله من أهل المدينة فأتبعه وألقى ابن الملك عنه تلك الثياب التي كانت عليه ولبس ثياب الغلام، وتنكر جهده وخرجا جميعا من المدينة فسارا ليلتهما حتى إذا قرب الصبح خشيا الطلب فكمنا، فاتيت الجارية عند الصبح فوجدوها نائمة فسألوها أين زوجك؟ قالت: كان عندي الساعة، فطلب الغلام فلم يقدر عليه، فلما أمسى الغلام وصاحبه سارا ثم جعلا يسيران الليل ويكمنان النهار حتى خرجا من سلطان أبيه، ووقعا في ملك سلطان آخر.
وقد كان لذلك الملك الذي صارا إلى سلطانه ابنة قد جعل لها أن لا يزوجها أحدا إلا من هوته ورضيته، وبنى لها غرفة عالية مشرفة على الطريق فهي فيها جالسة تنظر إلى كل من أقبل وأدبر فبينما هي كذلك إذ نظرت إلى الغلام يطوف في السوق وصاحبه معه في خلقانه، فأرسلت إلى أبيها إني قد هويت رجلا فإن كنت مزوجي أحدا من الناس فزوجني منه واتيت أم الجارية فقيل لها: إن ابنتك قد هويت رجلا وهي تقول كذا وكذا، فأقبلت إليها فرحة حتى تنظر إلى الغلام فأروها إياه فنزلت أمها مسرعة حتى دخلت على الملك، فقالت: إن ابنتك قد هويت غلاما فأقبل الملك ينظر إليه، ثم قال أرونيه فأروه من بعد فأمر أن يلبس ثيابا أخرى ونزل فسأله واستنطقه وقال: من أنت ومن أين أنت؟ قال الغلام: وما سؤالك عني أنا رجل من مساكين الناس، فقال: إنك لغريب، وما يشبه لونك ألوان