واعلم يا جابر أن أهل التقوى هم الأغنياء، أغناهم القليل من الدنيا فمؤونتهم يسيرة، إن نسيت الخير ذكروك، وإن عملت به أعانوك. أخروا شهواتهم ولذاتهم خلفهم وقدموا طاعة ربهم أمامهم، ونظروا إلى سبيل الخير وإلى ولاية أحباء الله فأحبوهم، وتولوهم واتبعوهم.
فأنزل نفسك من الدنيا كمثل منزل نزلته ساعة ثم ارتحلت عنه، أو كمثل مال استفدته في منامك ففرحت به وسررت ثم انتبهت (1) من رقدتك وليس في يدك شئ، وإني إنما ضربت لك مثلا (2) لتعقل وتعمل به إن وفقك الله له. فاحفظ يا جابر ما استودعك (3) من دين الله وحكمته: وانصح لنفسك، وانظر ما الله عندك في حياتك، فكذلك يكون لك العهد عنده في مرجعك، وانظر فإن تكن الدنيا عندك على [غير] ما وصفت لك فتحول عنها إلى دار المستعتب اليوم (4)، فلرب حريص على أمر من أمور الدنيا قد ناله، فلما ناله كان عليه وبالا وشقي به، ولرب كاره لأمر من أمور الآخرة قد ناله فسعد به.
3 - تحف العقول (5): ومن كلامه عليه السلام في أحكام السيوف سأله رجل من شيعته عن