يخرج بأطرافه البخار منه، ويرد (1) الحر والبرد الواردين عليه. وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين. وجعل فيها التخاطيط (2) والأسارير ليحبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه الانسان عن (3) نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه. وجعل الحاجبان من فوق العينين ليردا (4) عليهما من النور قدر الكفاية، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر كفايتهما منه. وجعل الانف في ما بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء. وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء، ولو كانت مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل وما وصل إليها دواء ولا خرج منها داء. وجعل ثقب الانف في أسفله لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ، ويصعد (5) فيها الأراييح (6) إلى المشام، ولو كان في أعلاه لما نزل داء ولا وجد رائحة. وجعل الشارب والشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم، لئلا يتنغص على الانسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه. وجعلت اللحية للرجال ليستغني بها عن الكشف في المنظر ويعلم بها الذكر من (7) الأنثى. وجعل السن حادا لان به يقع العض، وجعل الضرس عريضا لان به يقع الطحن والمضغ، وكان الناب طويلا ليشد (8) الأضراس والأسنان كالأسطوانة في البناء. وخلا الكفان من الشعر لان بهما يقع اللمس، فلو كان بهما شعر ما درى الانسان ما يقابله ويلمسه.
وخلا الشعر والظفر من الحياة لان طولهما سمج يقبح وقصهما حسن، فلو كان فيهما حياة لألم الانسان لقصهما. وكان (9) القلب كحب الصنوبر لأنه منكس، فجعل