الذي تراه العدسة (1) أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة ولا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة. فانكب هشام عليه وقبل يديه ورأسه ورجليه وقال: حسبي يا ابن رسول الله. فانصرف إلى منزله وغدا عليه الديصاني فقال له: يا هشام، إني جئتك مسلما ولم أجئك متقاضيا للجواب. فقال له هشام: إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب (2) - الخبر -.
تبيين: أقول: في حل هذا الخبر وجوه أوردتها في كتاب التوحيد، وعلى التقادير يدل على أن الابصار بالانطباع، وعلى بعض الوجوه المتقدمة يحتمل أن يكون اقناعيا مبنيا على المقدمة المشهورة بين الجمهور أن الرؤية بدخول صور المرئيات في العضو البصري، فلا ينافي كون الابصار حقيقة بخروج الشعاع.
6 - الاختصاص: قال العالم عليه السلام: خلق الله عالمين متصلين: فعالم علوي وعالم سفلي. وركب العالمين جميعا في ابن آدم، وخلقه كريا (3) مدورا فخلق الله رأس ابن آدم كقبة الفلك، وشعره كعدد النجوم، وعينيه كالشمس والقمر، ومنخريه كالشمال والجنوب، وأذنيه كالمشرق والمغرب، وجعل لمحه كالبرق، وكلامه كالرعد ومشيه كسير الكواكب، وقعوده كشرفها، وغفوه كهبوطها، وموته كاحتراقها. وخلق في ظهره أربعة وعشرين فقرة كعدد ساعات الليل والنهار، وخلق له ثلاثين معي كعدد الهلال ثلاثين يوما، وخلق له اثني عشر وصلا (4) كعدد السنة اثني عشر شهرا، وخلق له ثلاثمائة وستين عرقا كعدد السنة ثلاثمائة وستين يوما، وخلق له سبعمائة عصبة واثني عشر عضوا وهو مقدار ما يقيم الجنين في بطن أمه. وعجنه من مياه أربعة:
فخل المالح في عينيه، فهما لا يذوبان في الحر ولا يجمدان في البرد، وخلق المر في أذنيه لكي لا تقربهما الهوام، وخلق المني في ظهره ليك لا يعتريه الفساد، وخلق