وأجاب الشيخ المفيد عن ذلك بوجه آخر، وهو أنه لو كان الكلام يحتمل ذلك لما كان فيه فضل، فلم يكن أنس يرده مرتين ليكون ذلك الفضل للأنصار، ولما قرره الرسول (صلى الله عليه وآله) على ذلك، وأيضا لو كان محتملا لذلك لم يكن أمير المؤمنين (عليه السلام) يحتج بذلك يوم الدار، ولا قبل الحاضرون ذلك منه، ولقالوا: إن ذلك لا يدل على فضيلة توجب الإمامة والخلافة (1).
الثاني أنه يحتمل أن يكون في ذلك الوقت أحب الخلق وأفضلهم، فلم لا يجوز أن يصير بعض الصحابة بعد ذلك أفضل منه؟ والجواب أن ذلك أيضا خلاف عموم اللفظ وإطلاقه فإن الظاهر من اللفظ أحب جميع الخلق في جميع الأحوال والأزمنة، ولو كان مراده غير ذلك لقيده بشئ منها، ولم يدل دليل من خارج الكلام على التخصيص.
وأجاب الشيخ بوجهين أيضا: الأول أن هذا خرق للاجماع المركب، لان الأمة بأسرها بين قولين: إما تفضيله في جميع الأحوال والأوقات أو تفضيل غيره عليه كذلك، فما ذكرت قول لم يقل به أحد. والثاني أن احتجاجه صلوات الله عليه بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) بذلك وتسليم القوم له ذلك مما يدفع هذا الاحتمال (2).