أن يكون الأفضل، وأنه لا يجوز أن يكون مفضولا، والمؤاخاة من جملة تلك الأفعال التي تدل على غاية الفضل والاختصاص.
ثم قال بعد رد اعتراضات أوردت على ذلك: والذي يدل على أن هذه المواخاة كانت تقتضي تفضيلا وتعظيما وأنها لم تكن على سبيل المعونة والمواساة فظاهر الخبر (1) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في غير مقام بقوله مفتخرا متبجحا (2) (أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقوله بعدي إلا كذاب مفتر) فلولا أن في الاخوة تفضيلا عظيما لم يفتخر بها، ولا أمسك معاندوه عن أنه لا مفخر فيها، ويشهد أيضا بأن هذه المواخاة ذريعة (3) قوية إلى الإمامة وسبب وكيد لاستحقاقها أنه يوم الشورى لما عدد فضائله ومناقبه وذرائعه إلى استحقاق الإمامة قال في جملة ذلك: (أفيكم من آخى (4) رسول الله بينه وبين نفسه غيري؟) ويشهد أيضا باقتضاء المواخاة الفضيلة الباهرة والمزية الظاهرة ما رواه عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
سألت ربي فيك خمسا فمنعني واحدة وأعطاني أربعا: سألته أن يجمع عليك أمتي فأبى، وأعطاني فيك أني أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة وأنت معي، ومعي لواء الحمد وأنت تحمله بين يدي تسوق به الأولين والآخرين، وأعطاني أنك أخي في الدنيا والآخرة وأن بيتك مقابل بيتي في الجنة، وأعطاني أنك أولى بالمؤمنين من بعدي.
وروى حفص بن عمر بن ميمون قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) أن عليا (عليه السلام) قال على المنبر بالكوفة:
أيها الناس إنه كانت لي من رسول الله عشر خصال هن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس:
قال لي: يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأنت أقرب الخلق مني يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنة يواجه منزلي كما يتواجه منازل الاخوان