مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم، ويصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء (عليهم السلام)، ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء في سبعة مواطن ليبلو صبرهم، فإذا رضي محنتهم ختم لهم بالسعادة ليلحقهم بالأنبياء، وقد أكمل لهم السعادة، قال له رأس اليهود صدقت يا أمير المؤمنين فأخبرني كم امتحنك الله في حياة محمد (صلى الله عليه وآله) من مرة؟ وكم امتحنك بعد وفاته من مرة؟ وإلى ما يصير آخر أمرك؟ فأخذ علي (عليه السلام) بيده وقال: انهض بنا أنبئك بذلك [يا أخا اليهود] فقام إليه جماعة من أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين أنبئنا بذلك معه، فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم، قالوا: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟
قال: لأمور بدت لي من كثير منكم، فقام إليه الأشتر فقال: يا أمير المؤمنين أنبئنا بذلك فوالله إنا لنعلم أنه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك، وإنا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) نبيا سواه، وإن طاعتك لفي أعناقنا موصولة بطاعة نبينا.
فجلس علي (عليه السلام) وأقبل على اليهودي فقال [له]: يا أخا اليهود إن الله عز وجل امتحنني في حياة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) في سبعة مواطن، فوجدني فيهن - من غير تزكية لنفسي - بنعمة الله له مطيعا (1)، قال: وفيم وفيم يا أمير المؤمنين؟ قال: أما أولهن فإن الله عز وجل أوحى إلى نبينا وحمله الرسالة وأنا أحدث أهل بيتي سنا، أخدمه في بيته وأسعى بين يديه (2) في أمره، فدعا صغير بني عبد المطلب وكبيرهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله، فامتنعوا من ذلك وأنكروه عليه وهجروه ونابذوه (3) واعتزلوه واجتنبوه وسائر الناس مقصين له [ومبغضين] ومخالفين عليه، قد استعظموا ما أورده عليهم مما لم يحتمله قلوبهم وتدركه عقولهم، فأجبت رسول الله وحدي إلى ما دعا إليه مسرعا مطيعا موقنا، لم يتخالجني في ذلك شك، فمكثنا بذلك ثلاث حجج وما على وجه الأرض خلق يصلي أو يشهد لرسول الله بما آتاه الله غيري (4) وغير ابنة خويلد رحمها الله - وقد فعل - ثم