أخرى فوضع أحدهما على منكبه الأيمن والآخر على منكبه الأيسر ثم أقبل بهما فاستقبله أبو بكر، فقال: لنعم الراحلة أنت، وفي رواية أخرى: نعم المركب ركبتما يا غلامين؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ونعم الراكبان هما، إن هذين الغلامين ريحانتاي من الدنيا، قال: فلما أتى بهما منزل فاطمة أقبلا يصطرعان، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إيه يا حسن (1)، فقالت فاطمة عليها السلام: يا رسول الله أتقول: إيه يا حسن وهو أكبر منه؟ فقال: هذا جبرئيل عليه السلام يقول: إيه يا حسين (2)، فصرع الحسين الحسن.
قال: ونظر رسول الله صلى الله عليه وآله إليهما يوما وقد أقبلا فقال: هذان والله سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما، إن أخير الناس عندي وأحبهم إلي وأكرمهم علي أبوكما ثم أمكما، وليس عند الله أحد أفضل مني، وأخي ووزيري وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي علي بن أبي طالب، ألا أنه خليلي ووزيري وصفيي وخليفتي من بعدي، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي، فإذا هلك فابني الحسن من بعده، فإذا هلك فابني الحسين من بعده، ثم الأئمة من عقب الحسين - وفي رواية أخرى: ثم الأئمة التسعة من عقب الحسين - الهداة المهتدون، هم مع الحق والحق معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم إلى يوم القيامة، وهم زر الأرض (3) الذين تسكن إليهم الأرض، وهم حبل الله المتين، وهم عروة الله الوثقى التي لا انفصام لها، وهم حجج الله في أرضه وشهداؤه على خلقه (4) ومعادن حكمته، وهم بمنزلة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق، وهم بمنزلة باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا، فرض الله في الكتاب طاعتهم وأمر فيه بولايتهم، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله.
قال: وكان الحسين عليه السلام يجئ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ساجد، فيتخطا