يقول لأبي الجارود بمنى في فسطاطه (1): يا أبا الجارود كان والله أبي إمام أهل الأرض حيث مات لا يجهله إلا ضال، ثم رأيته في العام المقبل قال له مثل ذلك، قال، فلقيت أبا الجارود بعد ذلك بالكوفة فقلت له: أليس قد سمعت ما قاله أبو عبد الله مرتين؟ قال: إنما يعني أباه علي بن أبي طالب عليه السلام. (2) وقال في عمر بن رياح: قيل: إنه كان أولا يقول بإمامة أبي جعفر عليه السلام، ثم إنه فارق هذا القول وخالف أصحابه مع عدة يسيرة تابعوه على ضلالته، فإنه زعم أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن مسألة فأجابه فيها بجواب (3)، ثم عاد إليه في عام آخر وزعم أنه سأله عن تلك المسألة بعينها فأجابه بخلاف الجواب الأول، فقال لأبي جعفر عليه السلام: هذا بخلاف ما أجبتني في هذه المسألة عامك الماضي، فذكر له (4) إن جوابنا خرج على وجه التقية، فشك في أمره وإمامته، فلقي رجلا من أصحاب أبي جعفر عليه السلام يقال له محمد بن قيس، فقال: إني سألت أبا جعفر عليه السلام عن مسألة فأجابني فيها بجواب ثم سألته (5) عنها في عام آخر فأجابني فيها بخلاف الجواب الأول، فقلت له: لم فعلت ذلك؟ قال: فعلته للتقية وقد علم الله أنني ما سألته إلا وأنني (6) صحيح العزم على التدين بما يفتيني به (7) وقبوله والعمل به، ولا وجه لاتقائه إياي، وهذا حاله، فقال له محمد بن قيس:
فلعله حضرك من اتقاه؟ قفال: ما حضر مجلسه في واحد من المجالس غيري، ولكن كان جواباه جميعا على وجه التجنب (8)، ولم يحفظ ما أجاب فيه في العام الماضي فيجيب بمثله!. فرجع عن إمامته وقال: لا يكون إمام يفتي بالباطل على شئ من الوجوه ولا في حال من الأحوال، ولا يكون إمام يفتي بالتقية من غير ما يجب عند الله ولا هو