والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين عن علي عليه السلام قائلين فيه السوء ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلا مع الدنيا وإيثارا للعاجلة، فمنهم أنس بن مالك ناشد علي الناس في رحبة القصر - أو قال: رحبة الجامع - (1) بالكوفة: أيكم سمع رسول الله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها، وأنس بن مالك لم يقم (2)! فقال له: يا أنس ما يمنعك أن تقوم فتشهد فلقد حضرتها؟ فقال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت فقال: اللهم إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة، قال طلحة بن عمير: فوالله لقد رأيت الوضح (3) به بعد ذلك أبيض بين عينيه.
وروى عثمان بن مطرف أن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: آليت (4) أن لا أكتم حديثا سئلت عنه في علي عليه السلام بعد يوم الرحبة، ذاك رأس المتقين يوم القيامة، سمعته والله من نبيكم.
وروى أبو إسرائيل عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن أن عليا عليه السلام نشد الناس:
من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فشهد له قوم وأمسك زيد بن أرقم فلم يشهد، وكان يعلمها، فدعا عليه علي عليه السلام بذهاب البصر فعمي، فكان يحدث الناس بالحديث بعد ما كف بصره (5).
وقال في موضع آخر: قال عليه السلام يوم الشورى: أفيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله:
من كنت مولاه فهذا مولاه غيري؟ قالوا: لا (6).
وقال: في موضع آخر: المشهور أن عليا عليه السلام ناشد الناس في الرحبة بالكوفة فقال: أنشد الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لي: وهو منصرف من حجة الوداع:
من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقام رجال فشهدوا بذلك،